قد ظهر مما قدمناه : الفرق بين المقدمة الوجوبية والمقدمة الوجودية ، حيث إن المقدمة الوجوبية ما كانت واقعة فوق دائرة الطلب ، وتؤخذ مفروضة الوجود في المرتبة السابقة على الطلب ، ولا يمكن وقوعها بعد ذلك تحت دائرة الطلب بحيث يلزم تحصيلها ، للزوم الخلف كما لا يخفى.
وهذا بخلاف المقدمة الوجودية ، فإنها واقعة تحت دائرة الطلب ويلزم تحصيلها.
وبعد ذلك نقول : ان القيود والإضافات التي اعتبرت في ناحية المتعلق أو المكلف على اختلافها ، من حيث كونها من مقولة المكان أو الزمان وغير ذلك من ملابسات الفعل حتى الحال ، لا تخلو اما ان تكون اختيارية تتعلق بها إرادة الفاعل ، واما ان تكون غير اختيارية.
فان كانت غير اختيارية فلا محيص من خروجها عن تحت دائرة الطلب ، إذ لا يعقل التكليف بأمر غير اختياري ، فكل طرف إضافة خارج عن تحت الاختيار لابد من خروجه عن تحت الطلب ويكون الطلب متعلقا بالقطعة الاختيارية ، والقطعة الغير الاختيارية لابد من اخذها مفروضة الوجود واقعة فوق دائرة الطلب ، وتكون ح من المقدمات الوجوبية ويكون الواجب مشروطا بالنسبة إليها.
وأما إذا كانت الملابسات اختيارية وتتعلق بها إرادة الفاعل فوقوعها تحت دائرة الطلب بمكان من الامكان ، كما أن وقوعها فوق دائرة الطلب أيضا بمكان من الامكان ، فتصلح ان تكون مقدمة وجودية بحيث يتعلق الطلب بها ، وتكون لازمة التحصيل كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة ، وتصلح ان تكون مقدمة وجوبية تؤخذ مفروضة الوجود وتكون غير لازمة التحصيل كالاستطاعة في الحج. هذا بحسب عالم الثبوت.
واما في عالم الاثبات فالمتبع هو لسان الدليل وما يستفاد منه بحسب القرائن ومناسبات الحكم والموضوع. فان استفيد منه انه مقدمة وجوبية فهو ، وان استفيد انه مقدمة وجودية كانت لازمة التحصيل. وان لم يمكن استفادة أحد الوجهين من الأدلة ووصلت النوبة إلى الشك ، كان ذلك من الشك بين الواجب المشروط و