وانما يكون له دخل في مصلحة الواجب ، فهذا مما لا دخل له بالمقام بعد ما فرض انه اخذ قيدا للموضوع وقال : يجب الصوم عند طلوع الفجر ، وقد عرفت : ان قيدية شيء للموضوع انما يكون باعتبار اخذه مفروض الوجود ، كما هو الشأن في القضايا الحقيقية ، وبعد اخذه مفروض الوجود لا يعقل ان يتقدم التكليف عليه ، لان معنى تقدم التكليف عليه هو ان يكون التكليف بالنسبة إليه مط ، كما هو الشأن في سائر القيود التي يتقدم التكليف عليها ، كالطهارة ، والساتر ، وغير ذلك. وهذا كما ترى يستلزم محالا في محال ، لأنه يلزم أولا لزوم تحصيله ، كما هو الشأن في جميع القيود التي تقع تحت دائرة الطلب ، كالطهارة والستر ، والمفروض انه لا يمكن تحصيله ، لأنه غير اختياري للمكلف ، ويلزم أيضا تحصيل الحاصل لاستلزامه تحصيل ما هو مفروض الوجود.
وبالجملة : دعوى امكان الواجب المعلق في القضايا الشرعية التي تكون على نهج القضايا الحقيقية في غاية السقوط والفساد ، بحيث لا ينبغي ان يتوهم.
واما دعوى امكانه في القضايا الخارجية فكذلك أيضا ، بل إن برهان الامتناع يطرد في كلا المقامين على نسق واحد ، لوضوح انه لو قال : صل في مسجد الكوفة عند طلوع الفجر ، فقد اخذ طلوع الفجر مفروض الوجود ، ولا يمكن ان لا يأخذه كذلك ، وبعد اخذه مفروض الوجود لا يمكن ان يتقدم التكليف عليه ، والا يلزم ما تقدم من المحال ، فكما ان التكليف يكون مشروطا بمجئ زيد عند قوله : لو جائك زيد فأكرمه ، فكذلك يكون التكليف مشروطا بطلوع الفجر عند قوله : صل في المسجد عند طلوع الفجر ، وبرهان الاشتراط في الجميع واحد ، وانه لابد من اخذ القيد مفروض الوجود إذا كان القيد غير اختياري للمكلف ، كمجئ زيد ، وقدوم الحاج ، وطلوع الفجر ، وغير ذلك ، وبعد اخذه مفروض الوجود لا يمكن ان يكون التكليف مط ويتقدم الوجوب عليه.
فظهر : ان برهان امتناع الواجب المعلق انما هو لأجل انه لا يمكن ان يكون التكليف مطلقا بالنسبة إلى قيد غير اختياري للمكلف ، بحيث لا يمكن ان تتعلق ارادته به ، بل لابد ان يكون التكليف بالنسبة إليه مشروطا. وليس برهان امتناع