فقد أطالوا القول في البحث عنها ، وذهب إلى دلالة الامر على التكرار طائفة ، والى المرة طائفة أخرى ، وإذا لاحظت أدلة الطرفين ترى انها خالية عن السداد ولم يكن فيها ما يدل على المدعى ، فان من جملة أدلة القائلين بالتكرار ، هو تكرار الصلاة في كل يوم وهذا كما ترى ، فان تكرار الصلاة في كل يوم انما هو لمكان قيام الدليل ، وان الامر بالصلاة من قبيل الأوامر الانحلالية التي تتعدد حسب تعدد موضوعاتها ، وليس هذا محل الكلام ، بل محل الكلام في التكرار انما هو بالنسبة إلى موضوع واحد كتكرار اكرام العالم الواحد ، كما إذا قال : أكرم عالما ، ولا أظن أن يلتزم أحد في إفادة مثل هذا الامر للتكرار ، كما لا يستفاد منه المرة أيضا ، والاكتفاء بالمرة لمكان ان الامر لا يقتضى الا طرد العدم ، وهو يتحقق بأول الوجود ، لا ان الامر بالدلالة اللفظية يدل على ذلك ، فالبحث عن المرة والتكرار مما لا طائل تحته ، كالبحث عن الفور والتراخي ، فان الامر يصلح لكل منهما من دون ان يكون له دلالة لفظية على أحدهما.
فالأولى عطف الكلام إلى مسألة الاجزاء التي تعم بها البلوى.
فنقول :
ربما عنون في بعض الكلامات مسألة الاجزاء ، بان الامر هل يقتضى الاجزاء أو لا يقتضيه؟ ولمكان ان التعبير بذلك فيه مسامحة واضحة ـ بداهة ان الاجزاء لا يستند إلى الامر وليس من مقتضياته ، بل يستند إلى فعل المكلف وما هو الصادر عنه ـ عدل المحققون وأبدلوا العنوان بان اتيان المأمور به على وجهه هل يقتضى الاجزاء أو لا يقتضيه؟ ومعلوم ان المراد من قيد ( وجهه ) ليس الوجه الذي اعتبره المتكلمون في العبادة من قصد الوجوب أو الاستحباب أو جهتهما ، بل المراد منه الكيفية التي اعتبرت في متعلق الامر ، أي ان اتيان المأمور به على الوجه الذي امر به وبالكيفية التي تعلق الامر بها هل يقتضى الاجزاء أو لا يقتضيه؟.
ثم لا يخفى عليك : انه لا ربط لهذه المسألة بمسألة المرة والتكرار ، فان البحث عن مسألة المرة والتكرار انما هو في مفاد الامر بحسب ما يقتضيه من الدلالة ، و