وان عدم المانع من اجزاء علة وجود الشيء ، وتوضيح فساده يتوقف على بيان المراد من المانع الذي يكون عدمه من اجزاء العلة.
فنقول : المانع هو ما يوجب المنع عن رشح المقتضى ، بحيث انه لولاه لاثر المقتضى اثره من افاضته لوجود المعلول ، فيكون الموجب لعدم الرشح والإفاضة هو وجود المانع ، وهذا المعنى من المانع لا يتحقق الا بعد فرض وجود المقتضى بما له من الشرائط فإنه عند ذلك تصل النوبة إلى المانع ، ويكون عدم الشيء مستندا إلى وجود المانع ، واما قبل ذلك فليس رتبة المانع ، لوضوح انه لايكون الشيء مانعا عند عدم المقتضى أو شرطه ، فلا يقال للبلة الموجودة في الثوب انها مانعة عن احتراق الثوب الا بعد وجود النار وتحقق المجاورة والمماسة بينها وبين الثوب ، فح يستند عدم احتراق الثوب إلى البلة الموجودة فيه ، واما مع عدم النار أو عدم المجاورة فيكون عدم الاحتراق مستندا إلى عدم المقتضى أو شرطه ، فان الشيء يستند إلى أسبق علله ، ولا يصح اطلاق المانع على البلة مع عدم وجود النار ، فرتبة المانع متأخرة عن رتبة المقتضى والشرط ولا يقال للشيء انه مانع الا بعد وجود المقتضى والشرط ، فكما ان المعلول مترتب على علته بجميع اجزائها فيقال : وجدت العلة فوجد المعلول ويتخلل بينهما فاء الترتب ، كذلك اجزاء العلة من المقتضى والشرط وعدم المانع تكون مترتبة ، فيقال : وجد المقتضى فوجد شرطه فلم يكن ما يمنعه ، فالشرط والمانع متأخران عن المقتضى ، والمانع متأخر عن الشرط أيضا. ومرادنا من ترتب اجزاء العلة ليس ذواتها في الوجود فان ذلك واضح البطلان لوضوح انه يمكن وجود ذات البلة في الثوب قبل وجود النار ، كما أنه يمكن وجود النار والمجاورة دفعة واحدة ، بل مرادنا من الترتب في الاستناد والتأثير على وجه يصح اطلاق الشرط أو المانع على الشيء ، وقد عرفت الترتب في التأثير وصحة الاطلاق وانه لا يصح اطلاق كون الشيء شرطا أو مانعا الا بعد وجود المقتضى.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنه مما يتفرع على ما قلناه من تأخر رتبة المانع عن المقتضى والشرط ، هو عدم امكان جعل أحد الضدين شرطا والآخر مانعا ، وان مثل هذا الجعل ممتنع ، كما استقصينا الكلام في ذلك في رسالة اللباس المشكوك عند