تقييده بالقدرة ، فتكون القدرة المعتبرة في مثل هذا عقلية لا شرعية ، وينحصر القدرة الشرعية بما إذا قيد المتعلق بالقدرة ، كما في مثال الحج. فارتفع الاشكال بحذافيره ، فتأمل في المقام جيدا.
إذا عرفت ذلك ، فلنرجع إلى ما كنا فيه من مرجحات باب التزاحم. وقد ظهر لك : ان المرجح الثاني ما كان أحد المتزاحمين غير مشروط بالقدرة الشرعية فإنه يقدم على ما كان مشروطا بها.
( المرجح الثالث )
ترجيح ما لا بدل له شرعا على ما له البدل شرعا ، كما إذا زاحمت الطهارة المائية واجبا آخر لا بدل له ، فإنه يقدم ما لا بدل له على ما له البدل. والسر في ذلك واضح ، لان كل مورد ثبت فيه البدل شرعا لواجب فلا محالة يكون ذلك الواجب مقيدا بالقدرة والتمكن ، لأنه لا معنى لجعل شيء بدلا طوليا لشيء الا كون ذلك البدل مقيدا بالعجز عن ذلك الشيء وعدم التمكن منه ، ولازم ذلك هو تقييد ذلك الواجب بصورة التمكن والقدرة ، سواء وقع التصريح بذلك في لسان الدليل ـ كما في قوله تعالى : فان لم تجدوا ماء فتيمموا ، حيث إنه قيد التيمم بصورة عدم وجدان الماء فيستفاد منه تقييد الوضوء بصورة وجدان الماء والتمكن منه ـ أو لم يقع التصريح بذلك في لسان الدليل.
وبالجملة : نفس جعل البدلية الطولية يقتضى التقييد بالقدرة ، فتكون النسبة بين هذا المرجح والمرجح السابق العموم المطلق ، لان كل ماله البدل يكون مقيدا بالقدرة الشرعية ، وليس كل ما يكون مقيدا بالقدرة الشرعية له البدل ، كما هو واضح.
فالوضوء إذا زاحم واجبا آخر من واجبات الصلاة يسقط وينتقل التكليف إلى التيمم ، من غير فرق في ذلك بين الوقت وغيره ، فلو دار الامر بين الوضوء وادراك ركعة أو أزيد من الوقت وبين التيمم وادراك جميع الوقت ، قدم الوقت وتيمم ليدرك جميع الوقت.
واما توهم ان الوقت أيضا مما ثبت له البدل ، حيث إن الظاهر من