وقد يوجه ذلك : بأنه لولا السبق يلزم : اما التكليف بالحاصل ، واما التكليف بالمتعذر ، لأنه ان كان المكلف في الآن الأول الحقيقي من الفجر ممسكا فتوجه التكليف إليه في ذلك يكون من الطلب الحاصل ، وان لم يكن ممسكا فيتعذر عليه التكليف بالامساك في آن الطلوع ، فلا بد من سبق التكليف على الطلوع آنا ما ليتمكن المكلف من الامساك في أول الفجر منبعثا عن التكليف السابق ، هذا.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه :
اما أولا :
فلانه لا موجب لهذا التقدير ، لان توقف الانبعاث على البعث ليس بأزيد من توقف المعلول على علته ، فكما ان وجود المعلول يكون مستندا إلى علته المقارنة له في الوجود ويكون صادرا عنها ، فكذلك الانبعاث يكون مستندا إلى البعث المقارن له في الوجود ويكون حاصلا بذلك البعث.
ودعوى انه يكون من تحصيل الحاصل ممنوعة ، فإنه لو كان الانبعاث حاصلا بنفسه لا عن البعث كان من تحصيل الحاصل ، وليس الامر كذلك ، بل يكون حاصلا عن البعث ، والا فيمكن تقريب ذلك بالنسبة إلى العلل والمعلولات التكوينية أيضا ، بان يقال : ان المعلول حاصل في زمان علته فتكون العلة علة لما هو حاصل. وكما يجاب عن ذلك بان المعلول حاصل من قبل علته المقارنة له في الوجود المتقدمة عليه في الرتبة ، كذلك يقال في المقام : ان الانبعاث حاصل من قبل البعث المقارن له في الوجود المتقدم عليه رتبة. فلا يتوقف الانبعاث على سبق البعث زمانا.
نعم : يتوقف على سبق العلم بالبعث في زمانه ، فإنه لو لم يكن عالما بتحقق البعث في أول طلوع الفجر لم يكن يصدر عنه الانبعاث والامساك من أول الطلوع. ومن هنا قلنا بوجوب تحصيل العلم بالأحكام قبل أوقاتها لمن لا يتمكن من تحصيله في وقتها ، كالمضيقات مط ، وكالموسعات في بعض الأحيان.
والحاصل : ان الذي يتوقف عليه الانبعاث في أول الفجر ، هو سبق العلم بالتكليف على أول الفجر ، لا سبق التكليف على الفجر. وأظن أن الذي أوجب القول بتقدير التكليف آنا ما قبل الفجر في هذا القسم من المضيقات ، هو ملاحظة