تقدم فساد المبنى ، وان تقدير سبق التكليف بلا موجب بل مستحيل. وحينئذ لا يتم جعل الشرط هو العنوان المنتزع ، بل يكون الشرط هو نفس العصيان ، وقد اعترف انه بناء على ذلك لا يلزم طلب الجمع.
وثانيا :
لو فرض ان الشرط هو الوصف الانتزاعي فلا يلزم أيضا طلب الجمع ، لان الوصف انما انتزع من العصيان الذي هو زمان خلو المكلف عن الأهم ، فمعنى كونك ممن تعصى : كونك ممن تخلو عن فعل الأهم. ومع ذلك كيف يلزم طلب الجمع؟ ومجرد اجتماع الخطابين في زمان وفعليتهما بتحقق شرطهما لا يقتضى ايجاب الجمع ، بل إن أساس الترتب انما هو على اجتماع الخطابين في زمان ، فغاية ما يلزم من اخذ الشرط الوصف الانتزاعي هو اجتماع كل من خطاب الأهم والمهم في زمان واحد ، وهذا مما لا محيص عنه في الخطاب الترتبي. بل لو اخذ نفس العصيان شرطا فلا بد ان يؤخذ على وجه يجتمع فيه كل من خطاب الأهم والمهم ، وذلك بان يكون الشرط هو التلبس بالعصيان الذي يكون خطاب الأهم في حاله محفوظا ، لا تحقق العصيان بمعنى الانقضاء والمضي الذي يكون خطاب الأهم عنده ساقطا ، لسقوط كل خطاب بعصيانه.
وبالجملة : لا فرق بين ان يكون الشرط هو نفس العصيان أو الوصف الانتزاعي ، في اجتماع كل من الخطابين في زمان واحد ، وفي عدم اقتضائهما لطلب الجمع بعد ما اعتبر في خطاب المهم خلو المكلف عن فعل الأهم ، سواء كان الشرط نفس ذلك ، أو كان هو منشأ انتزاع ما هو الشرط كما لا يخفى ، فتأمل جيدا.
المقدمة الرابعة :
التي هي أهم المقدمات ، بل عليها يبتنى أساس الترتب ، هي ان انحفاظ كل خطاب بالنسبة إلى ما يتصور من التقادير والانقسامات يكون على أحد أنحاء ثلاثة :
الأول :
ما كان انحفاظه بالاطلاق أو التقييد اللحاظي ، وذلك بالنسبة إلى كل