واما الشبهات الحكمية قبل الفحص ، والشبهات التي تكون مجرى الاحتياط ، فلا يجرى فيها الخطاب الترتبي من جهتين :
الأولى : انه لا يتحقق عصيان التكليف المجهول ، حيث لا عقاب على نفس التكليف المجهول ، بل العقاب على ترك التعلم والاحتياط عند المصادفة.
الثانية : انه لا يتحقق العلم بالخطاب المترتب ، لعدم تحقق ما هو موضوعه من عصيان الخطاب المترتب عليه.
واما في الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي ، فمن جهة واحدة لا يجرى فيها الخطاب الترتبي ، وهي الجهة الأخيرة أعني من عدم امكان حصول العلم بالخطاب الترتبي ، لعدم العلم بعصيان الخطاب المترتب عليه ، وان كان منجزا بالعلم الاجمالي وتحقق عصيانه في صورة المصادفة ، حيث إنه لو ارتكب بعض الأطراف وصادف الواقع كان عاصيا له ومعاقبا عليه ، لا على ترك الاحتياط ، بخلاف الشبهات البدوية.
هذا ما قرره شيخنا الأستاذ مد ظله في الليلة الثانية. وحيث انه يرد على هذا التقرير من الاشكال ما لا يخفى ، عدل مد ظله عن هذا التقرير في الليلة الثالثة والتزم بجريان الخطاب الترتبي في جميع الشبهات الموضوعية التي لا تجرى فيها البراءة ، وفي الشبهات الحكمية المقرونة بالعلم الاجمالي أو التي تكون مجرى الاحتياط ، كما إذا بنينا على الاحتياط في الشبهات التحريمية ، كما عليه الأخباريون حتى بعد الفحص. نعم في خصوص الشبهات الحكمية التي يجب فيها الفحص قال : بعدم جريان الخطاب الترتبي. (١)
اما تصحيح عبادة الجاهل بالجهر والاخفات والقصر والاتمام ، بالخطاب الترتبي فلا يمكن ، لان التضاد بين القصر والاتمام والجهر والاخفات
__________________
١ ـ والذي يقوى في النظر : جريان الخطاب الترتبي حتى في ذلك أيضا ، الا إذا كان الجاهل مركبا قاطعا بعدم الحكم ، فان مثل هذا لا مجال فيه لجريان الخطاب الترتبي ، وان فرض كون الجاهل مقصرا معاقبا ، فتأمل جيدا ـ منه.