الظاهرية المنتزعة عن حكم الشارع بانطباق المأتى به على المأمور به انما تكون إذا لم ينكشف الخلاف ، وأما إذا انكشف الخلاف وتبين عدم الانطباق فالصحة تنعدم ، بناء على ما هو الحق من عدم اقتضاء الامر الظاهري للاجزاء.
نعم : للشارع أيضا بعد انكشاف الخلاف الحكم بالصحة ، ومرجع الصحة في مثل هذا إلى الاكتفاء بما اتى به امتثالا للواقع عن الواقع وهذه ترجع إلى الصحة الواقعية بوجه.
وعلى كل حال : الصحة والفساد أينما كانا فإنما يكونان من الانتزاعيات.
ودعوى انها في المعاملات من الاحكام المجعولة فاسدة ، فان المجعول في باب المعاملات هو ترتب الأثر عند تحقق سببه ، وهذا لا يتصف بالصحة والفساد ، بل المتصف بهما هو الفرد المأتى به من المعاملة. وهذا الفرد انما يتصف بالصحة عند انطباقه على ما يكون مؤثرا ، وقد عرفت : ان الانطباق يكون أمرا واقعيا ومنه ينتزع الصحة ، فحال الصحة في المعاملات حالها في العبادات.
الامر الرابع :
البحث عن اقتضاء النهى للفساد لا يتوقف على ثبوت مقتضى الصحة للمنهى عنه لولا النهى ، بحيث كان صحيحا لولا النهى لمكان اندراجه تحت اطلاق دليل العبادة أو المعاملة ، كما يظهر من المحقق القمي (ره) بل يصح البحث عن اقتضاء النهى للفساد ولو كان المنهى عنه لولا النهى مشكوك الصحة والفساد من جهة الشبهة الحكمية أو المفهومية ، وكان الأصل العملي فيه يقتضى الفساد. مثلا لو كان ( صوم الوصال ) أو ( المقامرة ) مشكوك الصحة والفساد من جهة : عدم الدليل ، أو تعارض الدليلين ، أو غير ذلك من أسباب الشك ، فلا اشكال في أن الأصل عند الشك في ذلك هو الفساد ، لأصالة عدم مشروعية صوم الوصال ، وأصالة عدم ترتب الأثر من النقل والانتقال في المقامرة ، إذا فرض ان أوفوا بالعقود لا يعم المقامرة ، وعمومات الصوم لا تشمل صوم الوصال. ولكن مع ذلك لو تعلق النهى عن صوم الوصال أو المعاملة القمارية ، كان للبحث عن اقتضاء مثل هذا النهى للفساد مجال.