الا انها تنافى حسنها الفاعلي فتفسد ، فتأمل.
ومجمل القول في ذلك : ان النهى عن المعاملة تارة يكون للارشاد إلى عدم حصولها ، فهذا لا اشكال في كونه موجبا لفسادها ، سواء تعلق بناحية السبب ، أو بناحية المسبب. فان تعلق بناحية السبب فهو يقتضى عدم ترتب المسبب على ذلك السبب ، وان تعلق بناحية المسبب فهو يقتضى عدم حصوله في الخارج. وهذا مما لا اشكال فيه ، فان النهى الارشادي حيث ما تعلق يقتضى الفساد ، حيث إنه ارشاد إلى الفساد.
وأما إذا كان النهى عن المعاملة مولويا مفاده الحرمة ، فتارة : يتعلق بالسبب ، وأخرى : يتعلق بالمسبب ، وثالثة : يتعلق بآثار المسبب : من التصرف في الثمن والمثمن ، وغير ذلك من الآثار المترتبة على المعاملة. والتعبير بالسبب والمسبب لا يخلو عن مسامحة ، لما تقدم من أنه ليس باب العقود والايقاعات من الأسباب والمسببات ، بل هي من باب الايجاديات ، والايجاب والقبول بمنزلة الآلة لذلك ، ويكون المنشأ بنفسه هو الصادر عن المكلف ابتداء ، وهو الموجد له في وعاء الاعتبار ، لا ان الصادر عنه هو السبب ، حتى يكون النقل والانتقال من المسببات التوليدية. وقد تقدم تفصيل ذلك. فالمراد من تعلق النهى بالسبب تعلقه بالايجاد بمعناه المصدري ، ويكون المحرم المنهى عنه هو ايجاد المعاملة وانشائها والاشتغال بها ، كالبيع وقت النداء ، حيث إن المحرم هو الاشتغال بالبيع وقت النداء ، لا النقل والانتقال. والمراد من تعلقه بالمسبب تعلقه بالموجد ، بمعناه الاسم المصدري ، ويكون المحرم المبغوض هو المنشأ والنقل والانتقال ، كبيع المسلم والمصحف للكافر ، حيث إن المبغوض هو نقل المسلم والمصحف للكافر ، لا انشاء النقل ، ومبغوضية الانشاء لمكان ما يستتبعه من الأثر ، وهو النقل والانتقال.
إذا عرفت ذلك فنقول : ان النهى لو كان عن نفس الايجاد والانشاء والاشتغال بالمعاملة ، فهو لا يقتضى الفساد ، إذ حرمة الايجاد لا يلازم مبغوضية الموجد وعدم تحققه. واما لو تعلق النهى بنفس المنشأ والموجد ، فهو يقتضى الفساد