من البول ، والدم ، والمنى وغير ذلك ، ويكون المنطوق في قوة قوله : إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه الدم ، والبول ، والغائط ، وهكذا ، لوضوح ان المراد من الشيء هو أنواع النجاسات ، لا كل شيء في العالم ، فيكون المفهوم إذا لم يبلغ الماء قدر كر ينجسه الدم ، والبول والغائط ، وغير ذلك ، فيكون دليلا على نجاسة الماء القليل بجميع أنواع النجاسات. وليست النكرة في سياق النفي كلفظة ( كل ) وما شابهها من أدوات العموم التي يكون لها معنى اسمى ، حتى يصح لحاظها على نحو العام المجموعي ويكون المنفى هو سلب العموم ، كقوله : لا تأكل كل رمانة في البستان ، بل العموم المستفاد من النكرة في سياق النفي انما هو بمقدمات الحكمة ، حسب ما يقتضيه المقام ، والمنفي في المثال انما هو أنواع النجاسات ، أي كل فرد فرد منها ، ويلزمه ما ذكرنا من كون المفهوم من مثل هذا المنطوق هو الايجاب الكلي ، لا الجزئي. مع أنه يكفي الايجاب الجزئي في اثبات نجاسة ماء القليل في الجملة في قبال عدم نجاسته أصلا ، كما هو المدعى ، والمسألة فقهية ليس المقام محل تفصيلها.
الامر الثالث :
لو تعدد الشرط ، على وجه كان شرطية كل منهما تنافى شرطية الآخر ، اما لتباين الشرطين ، أو لحصول أحدهما قبل حصول الآخر دائما ، كما في خفاء الاذان والجدران ، الذي تجعل كل منهما شرطا لوجوب القصر ، مع أن خفاء الاذان دائما يحصل قبل خفاء الجدران على ما قيل ، فهل اللازم رفع اليد عن استقلال كل منهما في السببية وجعل كل منهما جزء السبب؟ أو ان اللازم رفع اليد عن انحصار كل منهما في السبيية وجعل كل منهما سببا مستقلا. فعلى الأول : يكون الحكم في المثال هو انحصار وجوب التقصير عند خفاء كل من الاذان والجدران معا ، ولا يكفي خفاء أحدهما. وعلى الثاني : يكفي خفاء أحدهما في الحكم. ولكن الوجه الثاني في مثل المثال لا يستقيم ، لأن المفروض حصول خفاء الاذان دائما قبل حصول خفاء الجدران ، فيلزم لغوية جعل خفاء الجدران شرطا ، لعدم وصول النوبة إليه ابدا. نعم فيما إذا كان بين الشرطين التباين في الجملة ـ ولو بالعموم من وجه ـ يجرى فيه كل من الوجهين.