فنقول : ان العنوان الذي تكفله دليل المقيد والمخصص اما : ان يكون من العناوين اللاحقة لذات موضوع العام ، بحيث يكون من أوصافه وانقساماته ، كالعادل والفاسق بالنسبة إلى العالم ، وكالقرشية والنبطية بالنسبة إلى المرأة. واما : ان يكون من مقارنات الموضوع ، بحيث لايكون من انقسامات ذاته ، بل من الانقسامات المقارنة ، كما إذا قيد وجوب اكرام العالم بوجود زيد ، أو مجيئ عمرو ، أو فوران ماء الفرات ، وما شابه ذلك. فان وجود زيد ، ومجيئ عمرو ، وفوران ماء الفرات ، ليس من أوصاف العالم والانقسامات اللاحقة له لذاته ، بل يكون من مقارناته الاتفاقية ، أو الدائمية ، ولا يمكن ان يكون نعتا ووصفا للعالم ، فان وجود زيد بنفسه من الجواهر لايكون نعتا للعالم ، ومجيء عمرو وفوران ماء الفرات يكون وصفا لعمرو ولماء الفرات ، لا للعالم ، وذلك واضح.
فان كان عنوان المقيد والمخصص من الأوصاف اللاحقة لذات الموضوع ، فلامحة يكون موضوع الحكم في عالم الثبوت مركبا من العرض ومحله ، إذ العام بعد ورود التخصيص يخرج عن كونه تمام الموضوع للحكم لا محالة ويصير جزء الموضوع ، وجزئه الآخر يكون نقيض الخارج بدليل المخصص. ففي مثل قوله : أكرم العلماء الا فساقهم ـ يكون الموضوع هو العالم الغير الفاسق ، ويكون العالم أحد جزئي الموضوع ، وجزئه الآخر غير الفاسق ، ولما كان غير الفاسق من أوصاف العالم ونعوته اللاحقة لذاته ، كان موضوع الحكم مركبا من العرض ومحله.
وان كان عنوان المقيد والمخصص من المقارنات ، يكون موضوع الحكم مركبا أيضا ، لكن لا من العرض ومحله ، بل اما ان يكون مركبا من جوهرين ، أو عرضين لمحلين ، أو من جوهر وعرض لمحل آخر ، أو من عرضين لمحل واحد ، وأمثلة الكل واضحة.
إذا عرفت ذلك فاعلم : انه ان كان الموضوع مركبا من غير العرض ومحله بل من الأمور المتقارنة في الزمان ، كان الأصل الجاري في اجزاء المركب هو الوجود والعدم المحمولين بمفاد كان وليس التامتين ، لان الأمور المتقارنة في الزمان لا رابط بينها سوى الاجتماع في عمود الزمان ، فمجرد احراز اجتماعها في الزمان يكفي في