بل من جهة جريان الأصل الموضوعي المنقح حال المشتبه. وقس على ذلك سائر الموضوعات المركبة من غير العرض ومحله ، فإنه في الجميع يكفي احراز الاجزاء بالأصول الجارية بمفاد كان أو ليس التامتين ، الا إذا كان العنوان المتولد موضوعا للأثر ، فان الأصل يكون حينئذ مثبتا ، كما عرفت.
وأما إذا كان التركيب من العرض ومحله ، فالأصل بمفاد كان وليس التامتين لا اثر له ، بل لا بد ان تكون الجهة النعتية والوصفية مسبوقة بالتحقق ، حتى يجرى الأصل بمفاد كان أو ليس الناقصتين ، لان العرض بالنسبة إلى محله انما يكون نعتا ووصفا له ، ويكون للجهة النعتية والتوصيفية دخل لامحة ، ولا يمكن اخذ العرض شيئا بحيال ذاته في مقابل المحل القائم به ، إذ وجود العرض بنفسه ولنفسه عين وجوده لمحله وبمحله ، فلا محيص من اخذ العرض بما هو قائم بمحله موضوعا للحكم ، وهذا لايكون الا بتوصيف المحل به. فكل أصل أحرز التوصيف والتنعيت كان جاريا ، وهذا لايكون الا إذا كانت جهة التوصيف مسبوقة بالتحقق بعد وجود الموصوف ، وهذا انما يكون بالنسبة إلى الأوصاف اللاحقة لموصوفها بعد وجود الموصوف ، كالفسق ، والعدالة ، والمشي ، والركوب ، وغير ذلك.
واما الأوصاف المساوق وجودها زمانا لوجود موصوفها ، كالقرشية والنبطية ، وغير ذلك ، فلا محل فيها لجريان الأصل بمفاد كان وليس الناقصتين ، لعدم وجود الحالة السابقة. والأصل بمفاد كان وليس التامتين وان كان جاريا الا انه لا يثبت جهة التوصيف الا على القول بالأصل المثبت. ففي مثل أكرم العلماء الا فساقهم ، يكون الموضوع مركبا من العالم الغير الفاسق ، وعند الشك في فسق زيد العالم تجرى أصالة عدم فسقه بمفاد ليس الناقصة إذا كان عدم فسق زيد مسبوقا بالتحقق ، أو أصالة فسقه بمفاد كان الناقصة إذا كان فسقه مسبوقا بالتحقق ، ويترتب على الأول وجوب اكرامه ، وعلى الثاني عدم وجوبه. وسيأتي في مبحث الاستصحاب ( انشاء الله ) انه لا فرق في مورد جريان الاستصحاب ، بين ان يكون المستصحب نفس موضوع الحكم ، أو نقيضه.
والاشكال : بأنه لا معنى لاستصحاب نقيض موضوع الحكم ـ إذ الأثر