واما في الأصول اللفظية : فالفحص فيها انما يكون فحصا عما يزاحم الحجية وعما يعارضها بعد الفراغ عن حجيتها وثبوت المقتضى لها ، لبناء العقلاء على الاخذ بها في محاوراتهم العرفية ، فالفحص فيها يكون فحصا عن المانع ، لا عن المقتضى. وعلى كل حال : تشترك الأصول اللفظية مع الأصول العملية في أصل وجوب الفحص.
ثم انه قد ذكر لوجوب الفحص في الأصول اللفظية والعملية وجوه كثيرة ، لا يسلم غالبها عن الاشكال ، والعمدة منها وجهان في كل من الأصول اللفظية والعملية.
اما الوجهان في الأصول العملية.
فالأول منهما : هو ما تقدمت الإشارة إليه من أن العقل يستقل بأنه لا بد للعبد من المشي لتحصيل مرادات المولى ، وانه لا بد للعبد من أن يقرع باب المولى ليصل إلى مراداته ، وهذا مما يقتضيه وظيفة العبودية. كما أن العقل يستقل أيضا بان وظيفة المولى ان يبين مراداته على النحو المتعارف ، بحيث يمكن للعبد الوصول إليها إذا جرى على ما تقتضيه وظيفته ، فلكل من المولى والعبد وظيفة يستقل العقل بها. فمن وظيفة المولى ان يبين مراداته على نحو يمكن للعبد الوصول إليها. ومن وظيفة العبد ان يبحث عن مرادات المولى حتى يصل إليها ، وذلك واضح.
والثاني منهما : هو العلم الاجمالي بثبوت احكام الزامية على خلاف الأصول النافية للتكليف ، ولهذا العلم الاجمالي مدركان :
الأول : هو ان العلم بان هناك شرعا وشريعة يقتضى العلم بان للشريعة احكاما الزامية في الجملة ، إذ لا معنى لشريعة ليس فيها حكم الزامي أصلا.
الثاني : انه بعد الاطلاع على ما بأيدينا من الكتب ، يعلم أن هناك أدلة تتضمن لاحكام الزامية على خلاف الأصول النافية للتكليف فيما بأيدينا من الكتب.
واما الوجهان في الأصول اللفظية.
فالأول منهما : هو العلم الاجمالي بوجود مقيدات ومخصصات فيما بأيدينا من