وبعد عدم جريان أصالة عدم الاستخدام لاثبات أصل الاستخدام الذي هو مؤدى الأصل ، للعلم بالمراد من الضمير ، كيف يمكن اثبات لازمه الذي هو إرادة الخاص من العام؟ وأي ربط لهذا بكون مثبتات الأصول اللفظية حجة؟ فان معنى كون مثبتات الأصول حجة هو انه لو ثبت الملزوم ثبت اللازم ، والكلام في المقام في أصل ثبوت الملزوم ، وذلك واضح.
فتحصل : ان أصالة عدم الاستخدام لا تجرى حتى تعارض أصالة العموم ، بل الأصل في طرف العموم يجرى بلا معارض.
ودعوى : ان المقام يكون من باب احتفاف الكلام بما يصح للقرينية ـ لان رجوع الضمير إلى بعض افراد المطلقات يصلح ان يكون قرينة على أن المراد من العام هو الخاص ، فيكون الكلام مجملا لا يجرى فيه أصالة العموم ـ ضعيفة ، فان ضابط احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية هو ان يكون ذلك الصالح مجملا ، اما بحسب مفهومه الافرادي ، واما بحسب مفهومه التركيبي ، أي يوجب اجمال جملة الكلام وان كان مفهومه الافرادي مبينا.
وبعبارة أوضح : كان ( الصالح ) مما يصح ان يعتمد عليه المتكلم في مقام بيان مراده ولم يخرج بذلك عن طريق المحاورة ، والضمير المتعقب للعام الراجع إلى بعض افراده لايكون كذلك ، لأنه معلوم المراد ، ولا يوجب اجمال العام ، فتأمل ، فان ذلك لا يخلو عن اشكال.
المبحث السادس :
في الاستثناء المتعقب لجمل متعددة.
كقوله تعالى : (١) « والذين يرمون المحصنات ولم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوا كل واحد منهم مأة جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا وأولئك هم الفاسقون الا الذين تابوا ». وقد اختلفوا في رجوع الاستثناء إلى خصوص الجملة الأخيرة ، أو الجميع ،
__________________
١ ـ النور : ٤