حيث أفاد ان مفهوم قوله تعالى : « ان جائكم فاسق بنبأ » الخ معارض بعموم التعليل ، وهو قوله تعالى : « لئلا تصيبوا قوما بجهالة » لان المفهوم يدل على حجية قول العادل الذي لا يفيد العلم ، وعموم التعليل يدل على عدم اعتبار قول من لم يفد العلم ، لأنه من إصابة القول بجهالة ، سواء كان ذلك قول العادل أو لم يكن. والنسبة بين المفهوم والتعليل العموم المطلق ، لان المفهوم لا يعم الخبر المفيد للعلم
__________________
أظهر في إرادة الافراد منه ، فمرجع الكلام إلى تعارض الظاهرين ، ربما يقال ان العام أظهر دلالة في شموله لمحل المعارضة كما قلنا بذلك في معارضة منطوق التعليل في آية النبأ مع المفهوم على تقدير القول به بالنسبة إلى خبر العدل الظني ، فان قضية عموم التعليل عدم الاعتماد على الخبر الظني ، ومقتضى المفهوم ثبوته ، وعموم التعليل أظهر ولا سيما إذا كان العام متصلا بالجملة الشرطية. وربما يقال بتقديم الظهور في الجملة الشرطية كما قلنا في تعارض المفهوم مع العمومات الناهية عن العمل بغير العلم.
وبالجملة : فالانصاف ان ذلك تبع الموارد ، ولم نقف على ضابطة نوعية يعتمد عليها في الأغلب كما اعترف بذلك سلطان المحققين. » ( مطارح الأنظار ، مباحث العام والخاص. ص ٢٠٨ ).
وذكر قدسسره في الفرائد :
« الثاني ( مما أورد على دلالة الآية بما ليس قابلا للذب عنه ) ما أورده في محكى العدة والذريعة والغنية ومجمع البيان والمعارج وغيرها ، من انا لو سلمنا دلالة المفهوم على قبول خبر العادل الغير المفيد للعلم ، لكن نقول : ان مقتضى عموم التعليل وجوب التبين في كل خبر لا يؤمن الوقوع في الندم من العمل به وان كان المخبر عادلا ، فيعارض المفهوم والترجيح مع ظهور التعليل. » ثم ذكر بعد سطور في جواب لا يقال ، بقوله :
« .. لأنا نقول ، ما ذكره أخيرا من أن المفهوم أخص مطلقا من عموم التعليل مسلم الا انا ندعي التعارض بين ظهور عموم التعليل في عدم جواز العمل بخبر الواحد الغير العلمي وظهور الجملة الشرطية أو الوصفية في ثبوت المفهوم ، فطرح المفهوم والحكم بخلو الجملة الشرطية عن المفهوم أولى من ارتكاب التخصيص في التعليل ، واليه أشار في محكى العدة بقوله : لا نمنع ترك دليل الخطاب لدليل والتعليل دليل ، وليس في ذلك منافاة لما هو الحق وعليه الأكثر من جواز تخصيص العام بمفهوم المخالفة ، لاختصاص ذلك أولا بالمخصص المنفصل ، ولو سلم جريانه في الكلام الواحد منعناه في العلة والمعلول ، فان الظاهر عند العرف ان المعلول يتبع العلة في العموم والخصوص ..
وذكر في مقام الجواب عن الايراد الأول من الايرادات القابلة للدفع ، بقوله :
« ان المراد بالنبأ في المنطوق مالا يعلم صدقه ولا كذبه ، فالمفهوم أخص مطلقا من تلك الآيات ( أي الآيات الناهية عن العمل بغير العلم ) فيتعين تخصيصها بناء على ما تقرر من أن ظهور الجملة الشرطية في المفهوم أقوى من ظهور العام في العموم ، واما منع ذلك فيما تقدم من التعارض بين عموم التعليل وظهور المفهوم فلما عرفت من منع ظهور الجملة الشرطية المعللة بالتعليل الجاري في صورتي وجود الشرط وانتفائه في إفادة الانتفاء عند الانتفاء فراجع. » ( فرائد الأصول ، مباحث حجية الظن ، ص ٦٦ ـ ٦٥