لخروج ذلك عن الآية بالتخصيص ، فالمفهوم مختص بالخبر العدل الغير المفيد للعلم ، والتعليل يعم خبر العدل وغيره. ومقتضى القاعدة تخصيص عموم التعليل بالمفهوم ، الا ان قوة التعليل وابائه عن التخصيص يمنع عن ذلك. وهذا بخلاف الآيات الناهية عن العمل بالظن ، فان النسبة بينها وبين المفهوم وان كانت العموم المطلق أيضا ، الا انه لا مانع من تخصيص تلك الآيات بالمفهوم لعدم اباء تلك الآيات عن التخصيص. هذا حاصل ما افاده الشيخ ( قده ) في تعارض المفهوم المخالف مع العام في آية النبأ.
ولكن لا يخفى عليك ضعف ذلك ، لان التعليل مهم بلغ من القوة لايكون أقوى من المفهوم الخاص ، والآيات الناهية عن العمل بالظن أيضا آبية عن التخصيص ، وكيف يمكن تخصيص مثل قوله تعالى : « ان الظن لا يغنى من الحق شيئا »؟.
فالانصاف : انه في مثل الآية لا يلاحظ النسبة ، بل المفهوم يكون مقدما على الآيات الناهية عن العمل بالظن وعن عموم التعليل بالحكومة ، لان خبر العدل بعد ما صار حجة يخرج عن كونه ظنا وعن كونه إصابة القوم بالجهالة ، ويكون علما ، كما حققناه في محله. فينبغي اخراج مثل الآية الشريفة عما هو المبحوث عنه في المقام : من تعارض المفهوم المخالف والعام ، لكون المفهوم حاكما على العام. ولو قطع النظر عن الحكومة ، فالمفهوم أيضا يقدم على العام. ولا يصغى إلى أن العام في مثل الآية يكون متصلا بالقضية الشرطية فلا تكون القضية ظاهرة في المفهوم ، لصلاحية كل من القضية الشرطية والعام للتصرف في الآخر ، بخلاف ما إذا لم يكن العام متصلا بالقضية الشرطية ، حيث إن العام يخصص بالمفهوم ولكن لا مط ، بل يختلف باختلاف الموارد ، فرب مورد يكون العام قرينة على عدم كون القضية ذات مفهوم ، وربما ينعكس الامر ويكون ظهور القضية في المفهوم قرينة على التصرف في العام وتخصيصه به.
هذا حاصل ما افاده بعض الاعلام في باب تعارض المفهوم الخالف مع العام.
ولكن الانصاف : ان ذلك كله خلاف التحقيق ، بل التحقيق هو ان المفهوم المخالف مهما كان أخص مط من العام يقدم على العام ، سواء كان بين