وغير ذلك. (١) فان كان الأثر المقصود مترتبا على الفعل الاختياري ترتب المعلول على علته ، من دون ان يكون هناك واسطة أصلا ، أمكن تعلق إرادة الفاعل به ، نحو تعلق ارادته بالفعل الاختياري الذي هو السبب لحصول ذلك الأثر ، بداهة ان الأثر يكون مسببا توليديا للفعل ، وما من شانه ذلك يصح تعلق إرادة الفاعل به ، لان قدرته على السبب عين قدرته على المسبب ويكون تعلق الإرادة بكل منهما عين تعلق الإرادة بالآخر (٢) ويصح حمل أحدهما على الاخر نحو الحمل الشايع الصناعي فيقال : الالقاء في النار احراق ، إذ لا انفكاك بينهما في الوجود ، وهذا الحمل وان لم يكن حملا شايعا صناعيا بالعناية الأولية ، لان ضابط الحمل الصناعي هو الاتحاد في الوجود ، ولا يمكن اتحاد الوجود بين العلة والمعلول ، الا انه لما لم يمكن الانفكاك بينهما في الوجود وكان المعلول من رشحات وجود العلة صح الحمل بهذه العناية.
وبالجملة : كلما كان نسبة الأثر إلى الفعل الاختياري نسبة المعلول إلى العلة التامة أو الجزء الأخير من العلة يصح تعلق إرادة الفاعل به نحو تعلقها بالفعل الاختياري ، وان كان الفعل الاختياري من المقدمات الاعدادية للأثر المقصود ، فلا يمكن تعلق إرادة الفاعل به ، لخروجه عن تحت قدرته واختياره ، ولا يمكن تعلق الإرادة بغير المقدور ، بل الإرادة الفاعلية مقصورة التعلق بالفعل الاختياري ، واما ذلك الأثر فلا يصلح الا ان يكون داعيا للفعل الاختياري ، فمثل صيرورة الزرع سنبلا انما يكون داعيا إلى الحرث والسقى ، فظهر الفرق بين باب الدواعي وبين باب المسببات التوليدية.
وحاصل الفرق ، هو امكان تعلق الإرادة الفاعلية بالمسببات التوليدية ، دون الدواعي ، لتوسط أمور خارجة عن تحت القدرة بين الفعل الاختياري وبين
__________________
١ ـ أفاد ذلك الشاعر بقوله :
ابر وباد ومه
وخورشيد وفلك در كارند |
|
تا تو نانى بكف
آرى وبه غفلت نخورى ـ منه. |
٢ ـ لا يخفى ان باب العلة والمعلول غير باب العناوين التوليدية ، فجعل الالقاء والاحراق من باب العلة والمعلول لا يخلو عن مسامحة ، فعليك بمراجعة ما ذكرناه في أول مقدمة الواجب ( في ضابط البابين ) ولكن لا فرق بين البابين في الجهة المبحوث عنها في المقام ، فتأمل ـ منه.