وأما الواسطة : فكل مرض لا يقين معه بالتلف ولا يستبعد معه كالحمى المطبقة ، لا كحمى الربع والغب ، إلاّ أن ينضم إليها برسام أو رعاف
______________________________________________________
الفقهاء ، لأن مثل ذلك إنما يعلم بقوانين الطب والتجربة ، وليس للفقه في ذلك مدخل.
ثم انه إن لم يكن مخوّفا في ابتدائه لم يحصل الوقوف على انتهائه إلاّ للطبيب ، على أن زمان الابتداء والانتهاء غير مضبوط ، إذ لا يراد أول حدوثه وآخر انتهائه ، بل ما يقرب من ذلك ، فلا بد من الرجوع إلى الطبيب.
إذا عرفت ذلك فقوله : ( المستمر ) قيد في السل دون الفالج ، لأنه المتبادر ، وهذا وإن كان ظاهرا في التذكرة فإنه قال : وهيجان البلغم مخوّف ، لأن ذلك من شدة البرد ، فربما غلب ذلك على الحرارة الغريزية فأطفأها ، فإذا صار فالجا تطاول ولم يكن مخوّفا (١) ، لأن الفالج ليس بمخوف في ابتدائه ولا في انتهائه.
إلاّ أن ما سيأتي من قوله : ( وكغلبة البلغم وهو ابتداء الفالج ... ) يقتضي خلاف ذلك ، فيكون قيدا فيهما ، وهو المقصود من كلامه في التذكرة فإنه قال : وهيجان البلغم مخوف ، لأن ذلك من شدة البرد ، فربما غلب ذلك على الحرارة الغريزية فأطفأها ، فإذا صار فالجا تطاول ولم يكن مخوّفا (٢).
وهذا وإن كان ظاهره أن الفالج ليس مخوّفا في ابتدائه ولا في انتهائه إلاّ انه غير مراد له ، وإنما يريد بقوله : ( فإذا صار فالجا ) أنه إذا استحكم واستمر على ذلك ، كما صنع فيما سيأتي من كلامه في هذا الكتاب وقد صرح في التحرير بأن الفالج غير مخوّف عند انتهائه ، والسل في ابتدائه (٣) ، وهو منبّه على ما قلناه ، وقد صرح بذلك غيره.
قوله : ( وأما الواسطة فكل مرض لا يقين معه بالتلف ولا يستبعد معه ، كالحمى المطبقة ، لا كحمى الربع والغب ، إلاّ أن ينضم إليها برسام ، أو رعاف
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٥٢٣.
(٢) التذكرة ٢ : ٥٢٣.
(٣) التحرير ١ : ٣١١.