______________________________________________________
صرح بذلك المصنف هنا وفي التحرير (١) ، ووجهه أنها لا تستحق الزيادة على مهر المثل ، ولو طلبتها لم يجب إليها ، وإذا انتهى الفرض الى الحاكم لم يجز أن يفرض الزيادة ، ولو رضيت بالنقيصة لم يلزمه قبولها ، فلزم الحكم بقبول فرضه إياه.
وكذا إن زاد عليه بطريق أولى ، واليه الإشارة بقوله : ( فصاعدا ) ، ولأن إطلاق الآية يقتضي اعتبار فرضه مطلقا ، خولف فيما نقص عن مهر المثل لأنه لا يصح إلاّ برضاها قطعا ، فيبقى الباقي على حكم.
وأطلق الشيخ في المبسوط اعتبار رضاها في صحة الفرض (٢) ، وكما يصح ويلزم فرضه مهر المثل وأزيد منه إذا كان مطلق التصرف ، فكذا يصح إذا كان محجورا عليه للفلس ، لأنه إنما يمنع من التصرف في أعيان الأموال ، لتعلق حقوق الغرماء بها دون إلزام ذمته بمال لغيره ، لأنه كامل ، بخلاف المحجور عليه للسفه.
فإذا فرض مهر المثل صح وضربت به مع الغرماء قطعا ، لأنه عوض البضع المكافئ له ، ولهذا صح للمريض التزوج بمهر المثل فما دون.
ولا ينظر إلى زيادته على مهر السنة وإن حكمنا بردها إلى السنة لو دخل بها قبل الفرض ، لأن ذلك ثبت على خلاف الأصل فيقتصر على موضعه ، ولأن العوض الحقيقي للبضع مهر المثل كما في سائر قيم الأشياء.
والى ذلك أشار بقوله : ( ويلزمه وإن زاد عن مهر السنة ) أي : وإن زاد قدر مهر المثل فصاعدا عن مهر السنة. وإن فرض أزيد منه ضربت بمهر المثل مع الغرماء ، وتبعته بالزيادة بعد فكه لاستقرارها في ذمته وعدم مشاركة الغرماء لها.
وإنما حسن الاستدراك بـ ( لكن ) في كلام المصنف ، لأن مقتضى قوله : ( ويلزمه وإن زاد عن مهر السنة ) إنها تضرب بالجميع ، وليس كذلك ، فاستدرك لدفع هذا الوهم.
__________________
(١) التحرير ٢ : ٣٥.
(٢) المبسوط ٤ : ٢٩٧.