______________________________________________________
تحرير المسألة : إنه إذا عقد الحر نكاحا على أمة مشتركة بين اثنين ، حيث يجوز له العقد على الأمة ، ثم اشترى حصة أحد الشريكين انفسخ النكاح ، لما أسلفناه غير مرة ، وحينئذ فيحرم الوطء ، لاستلزامه التصرف في مال الشريك ، وما الذي تحل به حينئذ؟ اختلف الأصحاب على أربعة أقوال :
الأول : إنه لا طريق إلى حلها إلاّ ملك جميعها ، لأن أمر الفروج مبني على الاحتياط التام فلا يتعدى سبب الحل ، وقد حصر سبحانه وتعالى السبب في شيئين العقد والملك في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ) (١) والتفصيل قاطع للشركة فلا يكون الملفق منهما سببا وللإجماع على ذلك.
فإن قيل : لا دلالة في الآية على المطلوب ، لاحتمالها ارادة منع الخلو خاصة ، والدلالة موقوفة على ارادة منع الجمع أيضا وهو غير معلوم.
قلنا : لا نسلّم أن الدلالة موقوفة على ارادة منع الجمع ، فإن الفروج ممنوع منها بالنص والإجماع إلاّ بالعقد أو الملك ، ولم يثبت كون الملفق منهما سببا تاما ، لأن أقل الأحوال في الآية كونها محتملة فيستصحب حكم المنع ، وهذا القول مختار ابن الجنيد (٢) وجمع من المتأخرين (٣).
الثاني : حلها بالعقد على ما ذكره الشيخ في النهاية ، فإنه قال : حرمت عليه إلاّ أن يشتري النصف الآخر ، أو يرضى مالك نصفها بالعقد فيكون ذلك عقدا مستأنفا (٤).
__________________
(١) المؤمنون : ٥ ـ ٦.
(٢) نقلة عنه العلاّمة في المختلف : ٥٦٨.
(٣) منهم فخر المحققين في الإيضاح ٣ : ١٤٩.
(٤) النهاية : ٤٨٠.