الآخر ، فلو كان متعلق التكليف هو الأقل فالتكليف به إنما يكون لا بشرط عن الزيادة ، ولو كان متعلق التكليف هو الأكثر فالتكليف بالأقل إنما يكون بشرط انضمامه مع الزيادة ، فوجوب الأقل يكون مرددا بين المتباينين باعتبار اختلاف سنخي الوجوب الملحوظ لا بشرط أو بشرط شيء ، كما أن امتثال التكليف المتعلق بالأقل يختلف حسب اختلاف الوجوب المتعلق به ، فان امتثاله إنما يكون بانضمام الزائد إليه إذا كان التكليف به ملحوظا بشرط شيء ، بخلاف ما إذا كان ملحوظا لا بشرط ، فإنه لا يتوقف امتثاله على انضمام الزائد إليه ، فيرجع الشك في الأقل والأكثر الارتباطي إلى الشك بين المتباينين تكليفا
__________________
الجهة يكون المعروض لا بشرط محض ، ولكن معنى لا بشرطيته ليس إلا عدم إضرار انضمام الغير بوجوبه ، وإلا فالواجب في ظرف الانضمام وعدمه ليس إلا معنى واحدا ، وهو الذات المهملة المحفوظة في ضمن الانضمام بالغير تارة وعدمه أخرى ، وفي كل تقدير ليس المعروض إلا الذات الملازم لحد القلة لا المقيد به ، لما عرفت : من أن هذا الحد جاء من قبل الحكم والوجوب ، ولا يكون مثل هذا الحد مأخوذا في معروضه ، كما أن حد الكثرة أيضا لا يوجب تقيد الأقل المعروض للوجوب في ضمن الأكثر واشتراطه بكونه منضما بالأكثر ، إذ مثل هذه الضمنية التي هي منشأ ارتباط الاجزاء بالاجزاء إنما جاء من قبل وحدة الامر المتعلق بالجميع ، فيستحيل أخذ مثل هذه الحيثيات الناشئة من قبل الامر في معروض الامر ، فمعروض الامر أيضا ليس إلا ذوات الاجزاء عارية عن التقيد بالانضمام بالغير. نعم : عار عن الاطلاق أيضا ، فالمعروض للوجوب عند وجوب الأكثر أيضا ليس إلا ذات الأقل بنحو الاهمال ، لا المقيد بقيد الانضمام ، وحينئذ فالأقل بقصور الوجوب عن الشمول لغيره وعدم قصوره لا يكاد يختلف معروضيته للوجوب بحد من حدوده ، بل المعروض للوجوب على التقديرين هو الذات المهملة العارية عن الاطلاق والتقييد ، وحينئذ فعند الشك في حد الوجوب بين الأقل والأكثر لا يوجب اختلافا في حد الأقل الواجب مستقلا أم ضمنا ، فما هو واجب ضمنا بعينه هو واجب مستقلا ، وإنما الاختلاف في حد وجوبه من حيث انبساطه على الزائد منه أم لا ، وهذه الجهة غير مربوطة بواجبية الأقل ، فالواجب من الأقل ليس إلا مرتبة واحدة بحد واحد ، ضم إليه غيره في الوجوب أم لا ، وعليه فيستحيل تردد الأقل الواجب بين المتبائنين ، كما أن سعة انبساط الوجوب على الأكثر وعدمه أيضا لا يقتضي إلا اختلافا في حد الوجوب بلا اشتراطه بشيء ولا اختلافا في حقيقته ، كما لا يخفى.