فالمطلوب إذن مراعاة أعلى مراحل الدقّة في الانتخاب ، حيث فيه خدمة عظيمة للأمّة ، وإلّا فإنّ التهاون فيه سيترك أسوأ الأثر وتكون له عواقب وخيمة لا تحمد عقباها.
وأمّا ثانياً : فهو تهيئة الكادر المتخصّص الذي يلقى على عاتقه تنفيذ هذه المهمة الحسّاسة ، وهذا ما يستدعي توفّر عدّة مواصفات ومميّزات ، كالعشق والغيرة والدقّة والذكاء والتواضع والصبر والأمانة والذوق الرشيق والالتزام الديني والاستعانة بأهل الخبرة ، وغير ذلك.
ونجد لزاماً أن نقول : إنّنا بالقدر الذي ندعو فيه إلى إحياء التراث ، ندعو إلى السعي الحثيث لتدعيم جانب التصنيف والتأليف ، فالعصر الحاضر ـ بمستحدثاته ومستجداته ، وبما يحمل من تساؤلات وشبهات مصدرها التآمر الفكري الثقافي الذي يتّسع يوماً بعد آخر ضد الدين الإِسلامي وقيمه الرفيعة ، وغير ذلك من العوامل والأسباب ـ يبرز الحاجة الملحّة لردم الهوّة الفاصلة بينه وبين التراث ، ونؤيد دعوانا هذه بأنّ التغاير المكاني والزماني لهما أقوى الأثر في توسيع الثغرة بينهما .. لذا لا بُدّ من مسايرة أحدهما للآخر من أجل عكس الصورة الكاملة والمتينة عن الثقافة الإِسلامية ، وهو مما يشكّل بطبيعته الخطوة الأساس على سبيل تحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف الأصعدة ، سيّما الصعيد الفكري منها.
ولكون إحياء التراث هو مدار البحث ، ارتأينا عطف الضوء على بعض زواياه تاركين الخوض في باب التصنيف لفرص أخرى.
ولنا الجرأة بأن ندّعي بالدليل القاطع : أنّ الأمة الاسلامية تمتلك تراثاً هائلاً من الآثار النفسية التي حرّرت في مختلف ألوان العلم والمعرفة ،
كالفقه والْأُصول والأدب والكلام والطبّ والهندسة والفلك والرياضيات ، حتى عاد المخزون الثقافي لها من أهم ما اعتمدته النهضات المختلفة في برامج