وصحيحة قتيبة : ( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) إلى آخره ، فقال : « كان أبي يقول : إنما هي الحبوب وأشباهها » (١).
وقريبة منها موثقتا سماعة (٢) ، وصحيحة هشام (٣).
وعلى هذا ، فذكر طعامهم بعد الطيبات لدفع ما يتوهم من لزوم الاجتناب عنه ، لاحتمال ملاقاتهم بما يوجب التنجيس عند التصفية وغيرها ، أو من لزوم قطع الوصلة بين الفريقين للمباينة الدينية.
والتخصيص بأهل الكتاب ؛ لعله لكون أهل المدينة منهم ، مع أن حلّية طعامهم من حيث إنّه طعامهم لا تنافي نجاسته من حيث مباشرتهم.
وأما الأخبار ، فإن أمكن المناقشة في دلالة كثير منها ، وقرب التأويل في طائفة اُخرى ، كأن يقال : إن السؤال عن طعامهم أو مؤاكلتهم أو إخدامهم أو عملهم إنما هو من حيث هي هي ، والحكم بطهارة بعض ما يخرج من أيديهم لعدم العلم بمباشرتهم مع الرطوبة ، أو بكونه كافراً ، أو نحو ذلك. ولكن الإِنصاف ظهور دلالة بعض منها إلّا أنها بمعزل عن الحجية ؛ لترك ناقليها العمل بها ، ومخالفتها للشهرة العظيمة بين من تقدم وتأخر ، بل للمحقق من الإِجماع ، كيف لا ونجاستهم بين عوام العامة والخاصّة وخواصهم معدودة من خواص الخاصّة ، وهما من أقوى الأسباب المخرجة للخبر عن الحجية ، كما بيّناه في موضعه.
ومع ذلك كله فهي لمذهب العامة موافقة باعتراف جميع الخاصة ، حتى أن السيد جعل القول بالنجاسة من منفردات الإِمامية (٤) ، وكانوا بذلك عند المخالفين
__________________
(١) الكافي ٦ : ٢٤٠ الذبائح ب ١٥ ح ١٠ ، التهذيب ٩ : ٦٤ / ٢٧٠ ، الاستبصار ٤ : ٨١ / ٣٠٣ ، الوسائل ٢٤ : ٢٠٥ أبواب الاطعمة المحرمة ب ٥١ ح ٤.
(٢) الكافي ٦ : ٢٦٣ الاطعمة ب ١٦ ح ١ ، ٢ ، التهذيب ٩ : ٨٨ / ٣٧٥ ، الوسائل ٢٤ : ٢٠٣ ، ٢٠٤ أبواب الاطعمة المحرمة ب ٥١ ح ١ ، ٢.
(٣) التهذيب ٩ : ٨٨ / ٣٧٤ ، الوسائل ٢٤ : ٢٠٥ أبواب الاطعمة المحرمة ب ٥١ ح ٥.
(٤) الانتصار : ١٠.