ورواية محمد الحلبي المروية في آخر السرائر : إن طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه ، فربما مررت فيه وليس علي حذاء فيلصق برجلي من نداوته ، قال : « أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة ؟ » قلت : بلى ؛ قال : « فلا بأس ، إنّ الأرض يطهّر بعضها بعضاً » (١). دلّت بالتنبيه على انتفاء البأس ـ الذي هو حقيقة في العذاب ـ مع المشي في الأرض اليابسة ، فبدونه يكون فيه الموجب للحرمة.
وقد يستدلّ أيضاً : بقوله سبحانه : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ) (٢) دلّ على كون النجاسة علّة لنهيهم عن قرب المسجد الحرام ، فيتحقق في كل نجس.
وخصوصية المحل منفية بالتبادر ، كما صرحوا به في حجية كل منصوص العلة.
مع أنه لا قائل بالفصل بين نجاسة المشرك وغيره ، كما أنه لا قائل به بين المسجد الحرام وغيره ، فلا يضرّ الاختصاص به.
وكذا لا يضرّ عدم ثبوت الحقيقة الشرعية في زمن الخطاب للنجاسة في المصطلح ؛ لشمول اللغوي له أيضاً ، بل هو أشدُّ أفراده ، فالعلة هي الأعم وهو صادق على ذلك أيضاً ، وهو للمطلوب أثبت.
وبقوله عليه السلام : « جنّبوا مساجدكم النجاسة » (٣).
وضعفه غير ضائر ؛ لموافقته للعمل ، وتمسك الأكثر بها في المحل.
ولا عدم ثبوت الحقيقة الشرعية للنجاسة ، لما مر.
وبمرسلة العلاء : « إذا دخلت المسجد وأنت تريد أن تجلس ، فلا تدخله إلّا طاهراً ، وإذا دخلته فاستقبل القبلة ، ثم ادع الله ، واسأله ، وسمّ حين
__________________
(١) مستطرفات السرائر : ٢٧ / ٨ ، الوسائل ٣ : ٤٥٩ أبواب النجاسات ب ٣٢ ح ٩.
(٢) التوبة : ٢٨.
(٣) أرسله العلامة في المنتهى ١ : ٣٨٨ ، والتذكرة ١ : ٩٠ قال الشهيد في الذكرى : ١٥٧ ولم أقف على إسناد هذا الحديث النبوي.