التلاقي ودوامه ـ فينجس الملاقي إن كان من الظاهر ، بالإِجماع بل الضرورة ، وتشهد له الأخبار الواردة في موارد متفرقة.
وأما مع الرطوبة الغير المتعدية لقلتها جداً ، ومرور الملاقي عليها خفيفاً ، فلا ينجس ، كما صرّح به جمع من الأصحاب (١) ؛ للأصل ، وعدم ثبوت تأثير مثل ذلك من الإِجماع والأخبار.
والاستدلال (٢) لعدم التأثير مع قلّة الرطوبة : بأخبار موت الفأرة في الدهن الجامد ونحوه ، الآمرة بطرح ما حولها خاصة (٣) ، وطهارة الباقي مع ملاقاته لما حولها بشيء من الرطوبة .. غير جيد ؛ إذ لو تم التقريب ، لجرى فيما حولها أيضاً. بل طهارة الباقي هنا لبطلان السراية في المتنجس إلى مجاوره قبل التنجس كما يأتي ، ونجاسة ما حولها ، لشدة التلاقي بينه وبينها الموجبة لتعدي الرطوبة منه إليها.
وأما البواطن فلا تنجس أصلاً ؛ للأصل ، واختصاص ما دلّ على التنجّس بالظواهر. وكذا ما يدخل في البواطن من الظواهر ، ويأتي بيانه في آخر بحث المطهرات.
والمتنجّس كالنجس منجّس لما يلاقيه مع الرطوبة المذكورة بالإِجماع ، وخلاف بعض الطبقة الثالثة (٤) فيه غير قادح. وهو الدليل عليه بل الضرورة على ما قيل (٥).
مضافاً إلى المستفيضة من الأخبار بل المتواترة المتفرقة في تضاعيف أبواب الطهارات ، كالدالة على تنجّس القليل بإدخال يد أو إصبع قذرة فيه ، الشاملة
__________________
(١) منهم الشهيد الثاني في الروض : ١٦٨ ، وصاحبا الذخيرة : ١٦٦ ، والحدائق ٥ : ٢٤٠.
(٢) كما في الحدائق ٥ : ٢٤٠.
(٣) راجع الوسائل ٢٤ : ١٩٤ أبواب الاطعمة المحرمة ب ٤٣.
(٤) مفاتيح الشرائع ١ : ٧٥ ، ٦ : ١٤٩.
(٥) قال الوحيد البهبهاني : الظاهر اتفاق الاصحاب بل إجماعهم على وجوب غسله ـ أي الملاقي لملاقي النجس ـ بل هو ضروري الدين. شرح المفاتيح (مخطوط).