على قبوله التطهر (١) سوى ما دلّ على تطهر ما رآه الماء ، وهو هنا غير ممكن.
أمّا غير الدهن : فلأنه إنما يعقل حصول الطهارة له مع إصابة الماء جميع أجزائه ، وعدم خروج الماء عن إطلاقه ، وذلك إنما يتحقق بشيوعه في الماء واستهلاكه فيه ، بحيث لا يبقى شيء من أجزائه ممتازاً ؛ إذ مع الامتياز عدم نفوذ الماء في ذلك الجزء معلوم ، وإذا حصل الامتزاج الكذائي يخرج المائع عن حقيقته.
فإن قيل : خروج الماء عن إطلاقه بعد تطهر المائع بملاقاته ـ كما مرّ ـ غير ضائر ، فلا يحتاج إلى الاستهلاك.
قلنا : نعم إذا علم مسبوقية الخروج عن الملاقاة لكل جزء ، وهو غير معلوم ، بل عدمه قطعاً معلوم ، فيستصحب نجاسة جزء مثلاً ، وبه ينجس الجميع ؛ لعدم كونه ماءً مطلقاً.
وأمّا الدهن : فلأنّ العلم بوصول الماء إلى جميع أجزائه غير ممكن ؛ لشدة اتّصال أجزائه بعضها ببعض. بل يعلم خلافه ؛ لأنّ الدهن يبقى في الماء مودعاً فيه غير مختلط به ، وإنّما يصيب سطحه الظاهر.
بل قيل (٢) باستحالة مداخلة الماء لجميع أجزائه ، وإنه مع الاختلاط لا يحصل له إلّا ملاقاة سطوح الأجزاء المنقطعة.
وتؤيده بل تدلّ أيضاً على عدم قبوله الطهارة : الأخبار الواردة في السمن والزيت الذائبين ، وفي العسل في الصيف إذا ماتت فيها فأرة ، الناهية عن أكلها ، الآمرة بالإِسراج وبإهراق المرق النجس (٣).
والظاهر أنّ القائل (٤) بقبولها التطهير لا ينكر توقّفه على العلم بوصول الماء
__________________
(١) في « ق » : التطهير.
(٢) المعالم : ٣٨٠.
(٣) راجع الوسائل ١٧ : ٩٧ أبواب ما يكتسب به ب ٦ وج ٢٤ : ١٩٤ ، ١٩٦ أبواب الاطعمة المحرمة ب ٤٣ و ٤٤.
(٤) العلامة في التذكرة ١ : ٨ ، والمنتهى ١ : ١٨٠.