عصرته ؛ ولذا يصدق على الوضوء والغسل وتطهير البدن عن الخبث من غير الدلك الذي هو في البدن بمنزلة العصر في الثوب ، ويحصل في الماء الجاري بدون العصر ، وكذا في الجلود والثقيل من الخبايا مع عدم العصر ، وعسره لا يوجب تحقق غسله ، بل اللازم منه إيجابه مهما أمكن ، أو الحكم (١) بالعفو.
والتفصيل في الروايات لا يدلّ على اعتبار العصر في الغسل ، بل غايته مغايرته للصبّ ، فلعلّها بأمر غيره ، كأن يشترط في الغسل الاستيلاء والجريان والانفصال في الجملة دون الصبّ.
وأمّا ما قيل : من أنّ انفصال الماء وإجراءه داخل في مفهوم الغسل لغةً وعرفاً ، وتحقق المعنيين قد لا يحتاج إلى أمر خارج من الصب ، كما في البدن والأجسام الصلبة ، فيتحقق الغسل في مثله من غير عصر ، وقد يحتاج إليه فيتوقف على العصر والتغميز لإِجراء الماء على جميع أجزاء ذلك الجسم وفصله عنه ، فيكون العصر شرطاً لذلك ، لا داخلاً في مفهوم الغسل (٢).
ففيه : أنّا لو سلّمنا اشتراط المعنيين في تحقق الغسل ، فنمنع توقفهما على العصر في نحو الثياب مطلقاً ، فإنّ الصفيقة من الثياب ، سيما إذا كانت حريراً ، إذا اُخذت معلّقة ، أو لفّت على جسم صلب ، إذا صب عليها الماء ، يجري عليها وينفصل سريعاً ، فيتحقق المعنيان ، فيطهر من غير عصر لو لم ترسخ فيها النجاسة.
وأيضاً : الثياب الرقاق كالكتان ونحوه إذا بسطت وصبّ عليها الماء ، يجري عليها وينفصل عنها دفعة.
مع أنّ الإِجراء والانفصال في الجملة مع غلبة الماء يحصل في كل ثوب وإن لم يعصر لا محالة ، وانفصال جميع أجزائه غير واجب ، ولذا لا يجب العصر الأشد
__________________
(١) في « هـ » : والحكم.
(٢) قال في غنائم الايام : ٧٥.