أما الثانيان ، فلعلّ نظر أولهما إلى التعليل المذكور في رواية السكوني (١) ؛ فإنّه يمكن أن يستفاد منه أنّ أخفّية بول الغلام لأجل نظافة أصله الذي هو لبن اُمّه ، فيثبت ذلك ما لم يعلم حصول بوله من غير اللبن ، وذلك إنّما يكون ما لم يساوِ غير اللبن له. ونظر ثانيهما إلى أنّ المراد بالأكل والطعام ترك اللبن والفطام عنه ، وهو في الشرع مقدّر بالحولين.
والأوجه هو الأول ؛ لما مرّ. وضعف ما للثاني بأنّ مقتضاه انتفاء الحكم إذا انتفى العلم بحصوله من اللبن ، وهو ينتفي بالاغتذاء بغيره ولو كان أقل. وما للثالث بمنع كون المراد من الأكل ما ذكر.
ثم لا شكّ في أنّ المعتبر في الأكل ما يكون مستنداً إلى شهوته وإرادته ، كما صرح به في المنتهى (٢) ؛ لأنّه المفهوم من نسبة الأكل والطعام إليه ، ولولاه ، لتعلّق الغسل (٣) بساعة الولادة ، لاستصحاب التحنيك بالتمر ، فلا عبرة بما يعلق دواء من غير ميل إليه.
ولا يلزم أن يكون إطعامه إياه لأجل كونه غذاءً له ، فلو اُطعم بشيء دواءً وأكله الصبي بالشهوة والإِرادة ، يجب الغسل ؛ لصدق الأكل ولو كان نادراً ، كما هو ظاهر المنتهى (٤).
وصرّح في المعتبر بعدم اعتبار النادر ولو بالشهوة (٥). والأظهر الأول.
ب : لو أرضع الغلام بلبن الجارية أو بالعكس ، فمقتضى تعليل رواية السكوني : تعلّق حكم من له اللبن بالمرتضع ، سيما إذا غلب إرضاعه من لبنه عليه من لبن نفسه.
__________________
(١) المتقدمة ص ٢٧٦.
(٢) المنتهى ١ : ١٧٦.
(٣) في هامش « ح » : الحكم خ ل.
(٤) المنتهى ١ : ١٧٦.
(٥) المعتبر ١ : ٤٣٦.