ولا إجماع فيه. والاستصحاب على تقدير تسليم اقتضائه بقاء النجاسة هناك ، فمقتضاه النافع نجاسة الملاقي. وهو حسن إن خلا عن المعارض بالمثل ، وليس كذلك ؛ لأنّ الأصل أيضاً بقاء طهارة الملاقي ، ولا وجه لترجيح الأول بل هو به أولى ، فيتعارض الاستصحابان ويتساقطان وتبقى أصالة الطهارة العقلية باقية.
ولا يخفى أنه مبني على عدم ترجيح استصحاب النجاسة على استصحاب طهارة الملاقي ، وعدم زوال الثاني بالأول ، وهو كما بيّناه في موضعه خلاف التحقيق جدّاً.
مع أنّه يوجب الحكم بالطهارة في كلّ موضع وقع الخلاف في بقاء نجاسته ؛ إذ لا دليل غالباً سوى الاستصحاب ، ولا أظنّ أنّ هذا المستدلّ يسلّم ذلك على الإِطلاق.
ثمّ إنّ ذلك إنّما هو إذا كان بناؤه على تعارض الاستصحابين وتساقطهما ، ولو كان منظوره إعمال الاستصحابين ، فهو أظهر فساداً ؛ إذ حينئذٍ تكون نجاسة الموضع التي هي المتنازع فيها مستصحبة وإن لم يحكم بنجاسة ملاقيه ، ولا تنحصر الثمرة في تنجيس الملاقي ، بل هي تظهر في موارد كثيرة (١) اُخرى أيضاً.
دليل المخالف : الاستصحاب ، والنهي عن الصلاة في الموضع مع رطوبة العضو في آخر الموثقة وإن يبس بإصابة عين الشمس.
وفي صحيحة ابن بزيع : عن الأرض والسطح يصيبه البول أو ما أشبهه هل تطهره الشمس من غير ماء ؟ قال : « كيف يطهر من غير ماء ؟ » (٢).
وصحيحة زرارة والأزدي : السطح يصيبه البول أو يبال عليه أيصلّى في ذلك الموضع ؟ فقال : « إن كان تصيبه الشمس والريح وكان جافاً فلا بأس » (٣) دلّت
__________________
(١) كالسجود مع الرطوبة وبناء المسجد على ذلك الموضع (منه ره).
(٢) التهذيب ١ : ٢٧٣ / ٨٠٥ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ / ٦٧٨ ، الوسائل ٣ : ٤٥٣ أبواب النجاسات ب ٢٩ ح ٧.
(٣) الكافي ٣ : ٣٩٢ الصلاة ب ٦٣ ح ٢٣ ، التهذيب ٢ : ٣٧٦
/ ١٥٦٧ ، الوسائل ٣ : ٤٥١ أبواب