نجسة ، لكُنّا نحكم بطهارتها بعد صيرورتها دقيقاً أو خبزاً.
وقد ظهر مما ذكرنا أنّ المراد بالاستحالة هنا استحالة موضوع الحكم شرعاً ، وتبدل حقيقة ما جعله الشارع مناطاً للحكم وموضوعاً له ، والمناط في تبدل الحقيقة هو تبدل الاسم عرفاً.
ثم إن للاستحالة أنواعاً كلّها مشتركة في إيجابها لتطهّر الأعيان النجسة ذاتاً ؛ للأصل ، وعمومات طهارة ما استحيل إليه ، وعدم دليل على نجاسته سوى الاستصحاب الذي لا يمكن التمسك به في المقام ؛ لتبدل الموضوع. والشك في التبدل كاللاتبدل ؛ للأصل والاستصحاب.
دون المتنجسات على الأقوى ؛ للاستصحاب ، وعدم تغير الموضوع كما أشرنا إليه ، وبينا تفصيله في موضعه من الاُصول.
ومن لم يفرق بين الموضعين فقد بَعُد عن التحقيق ، وأبعد منه من أجرى الحكم في الثاني بمفهوم الموافقة.
فمن أنواعها : الاستحالة بالنار ، وهي تطهر الأعيان النجسة ذاتاً بإحالتها إلى الدخان والرماد والفحم على الأقوى والأشهر مطلقاً في الأولين ، وعند المتأخرين خاصة في الأخير ، بل على الأول الإِجماع في المنتهى والتذكرة (١) ، وعلى الثاني عن الخلاف (٢) ، وعليهما عن السرائر (٣).
ونسبة دعوى الإِجماع إلى المعتبر خطأ (٤) ؛ لأنه ذكره في دواخن السراجين النجسة ، والمراد الأبخرة المتصاعدة عنها ، لأنه قال : لا يتوقّى الناس عنها (٥) ، وما أجمعوا على عدم التوقّي عنها هي الأبخرة ، مع أنه قال في باب الأطعمة من
__________________
(١) المنتهى ١ : ١٨٠ ، التذكرة ١ : ٨.
(٢) الخلاف ١ : ٤٩٩.
(٣) السرائر ٣ : ١٢١.
(٤) كما نسبه في مفتاح الكرامة ١ : ١٨٦.
(٥) المعتبر ١ : ٤٥٢.