الشرائع : ودواخن الأعيان النجسة طاهرة عندنا ، وكذا ما أحالته النار وصيّرته رماداً أو دخاناً على تردّد (١).
ويدلّ على الحكم في الجميع ـ بعد الإِجماع في الجملة ـ الأصل السالم عن المعارض ، سوى الاستصحاب الغير المفيد هنا كما مرّ.
وقد يستدلّ أيضاً : بصحيحة السراد : عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ويجصّص به المسجد ، أيسجد عليه ؟ فكتب إليه بخطه : « إنّ الماء والنار قد طهّراه » (٢).
والمروي في قرب الإِسناد : عن الجصّ يطبخ بالعذرة أيصلح به المسجد ؟ قال : « لا بأس » (٣).
وليس المراد من الاُولى تطهر الجص المتنجس بالنار والماء حتى يرد أن النار لم تجعله رماداً ، والماء اُحيل إليه بمجرد ملاقاته له فلا يصلح للتطهير.
بل المراد أن النار أحالت العذرة المختلطة معه إلى الرماد فطهرته ، والماء طهر ظاهر الجص الملاقي لعذرة المحتملة لرطوبة بعض أجزائها ، فلا يلزم حمل التطهر على الحقيقي والمجازي أو عموم المجاز.
وإحالة الماء إليه غير ضائر ؛ لأنه اُحيل بعد التطهر ، والمانع هو ما إذا كان قبله. مع أنها تدل على المطلوب من باب الإِشارة أيضاً ، حيث لم يمنع من تجصيص المسجد به ، وحينئذٍ يمكن حمل التطهير فيها على المعنى المجازي أعني التنظيف.
ولا يخفى أن الاستدلال بهما إنّما يتمّ على ما هو متعارف بعض بلاد العرب ، من وضع الوقود على الجصّ وإحراقه عليه ، وأما على ما هو متعارف أكثر بلاد
__________________
(١) الشرائع ٣ : ٢٢٦.
(٢) الكافي ٣ : ٣٣٠ الصلاة ب ٢٧ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٧٥ / ٨٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ / ٩٢٨ ، الوسائل ٣ : ٥٢٧ أبواب النجاسات ب ٨١ ح ١.
(٣) قرب الاسناد : ٢٩٠ / ١١٤٧ ، الوسائل ٥ : ٢٩١ أبواب أحكام المساجد ب ٦٥ ح ٢.