الخمر خلاً ظاهر في العلاج.
فتوقف العاملي في الصورة الثانية ، وتعليله : بأنّه ليس في الأخبار المعتبرة ما يدلّ على علاجها بالأجسام وتحقّق الطُّهر بها ، وإنما هو عموم أو مفهوم مع قطع النظر عن الإِسناد (١) .. لا وجه له ؛ لما عرفت من وجود خصوص النصوص التي منها الصحيح والموثق ، مع أن العموم أو المفهوم حجّة.
وأما حديث الإِسناد فالأخبار معتبرة بنفسها ، ومع ذلك فالجميع بالشهرة المتحققة والمحكيّة في كلامه بنفسه (٢) وكلام غيره (٣) معتضدة.
وأمّا صحيحة أبي بصير : عن الخمر يجعل فيها الخلّ ، فقال : « لا إلا ما جاء من قبل نفسه » (٤) ، فهي عن إفادة الحرمة قاصرة ، وعلى فرض الدلالة ؛ فلشذوذها عن إثبات الحرمة عاجزة ، ولإِثبات محض كراهته للتسامح في أدلّتها صالحة. ومع قطع النظر عما ذكر يجب الحمل عليها ؛ للمعارضة مع ما مرّ.
وكذا المروي في العيون : « كلوا خل الخمر ما انفسد ، ولا تأكلوا ما أفسدتموه أنتم » (٥).
مع أن حمل الصحيحة على أنّ مجرّد جعل الخلّ في الخمر لا يكفي في الاستحالة ـ رداً على أبي حنيفة القائل به (٦) ـ ممكن.
ولا فرق بين ما كان المعالج به مائعاً أو جامداً ، باقياً أو هالكاً ؛ لإِطلاق الأدلّة المتقدمة.
__________________
(١) المسالك ٢ : ٢٤٨.
(٢) المسالك ٢ : ٢٤٨.
(٣) المفاتيح ١ : ٨٠.
(٤) التهذيب ٩ : ١١٨ / ٥١٠ ، الاستبصار ٤ : ٩٣ / ٣٦٠ ، الوسائل ٢٥ : ٣٧١ أبواب الأشربة المحرمة ب ٣١ ح ٧.
(٥) العيون ٢ : ٣٩ / ١٢٧ ، الوسائل ٢٥ : ٢٥ أبواب الأطعمة المباحة ب ١٠ ح ٢٤.
(٦) بدائع الصنائع ٥ : ١١٤.