وخبر أبي بصير : « إن سمعت الأذان وأنت على الخلاء فقل مثل ما يقول المؤذّن ، واذكر الله في تلك الحال ، فإنّ ذكر الله حسن على كل حال » (١).
وهو مع سابقته حجة من استثنى التكلّم بمطلق ذكر الله ، مضافاً إلى المروي في عدة الداعي : « لا بأس بذكر الله وأنت تبول ، فإنّ ذكر الله حسن على كل حال » (٢).
وما ورد من وحيه سبحانه إلى موسى [ من ] (٣) حسن الذكر في كل حال بعد سؤاله عن عروض حالات يجلّه تعالى عن الذكر فيها (٤).
وفيه : أنّ الذكر حقيقة في التذكّر القلبي ، واستعماله في الآيات والأخبار فيه أيضاً شائع ، فلا يثبت من تجويزه تجويز الكلام الذكري الذي هو مجاز قطعاً.
وعطف الذكر في خبر أبي بصير على قول مثل ما يقول المؤذّن ، وعكسه في الصحيحة ، لا يدل على اتّحادهما ، بل حقيقة العطف التغاير ، مع أنّ الاتّحاد أيضاً لا يفيد التعميم.
ويستثنى الرابع بالإِجماع ، وبمعارضة أدلّة وجوبه مع العمومات المتقدمة ـ لعدم اجتماع الوجوب والكراهة ـ بالعموم من وجه ، الموجبة للرجوع إلى أصالة الجواز ، المستلزمة لضم فصل الوجوب بالإِجماع المركب ، فإنّه لا قول بجواز رد السلام من غير وجوب.
وأمّا رواية الدعائم المتقدمة (٥) فلضعفها غير ناهضة لرفع الواجب.
ووجه استثناء الخامس واضح كاستثناء مطلق الكلام حال الضرورة.
ثم إنّه لا شك في أنّ الكراهة هنا في غير ما يتعبّد به الله بالمعنى المصطلح.
__________________
(١) علل الشرائع : ٢٨٤ ، الوسائل ١ : ٣١٤ أبواب أحكام الخلوة ب ٨ ح ٢.
(٢) عدة الداعي : ٢٣٩.
(٣) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.
(٤) الكافي ٢ : ٤٩٧ الدعاء ب ٢١ ح ٨ ، الوسائل ١ : ٣١٠ أبواب أحكام الخلوة ب ٧ ح ١.
(٥) في ص ٤٠١.