البحث الثاني : في الكرّ
وفيه مسائل :
المسألة الاُولى : لا ينفعل الكرّ بمجرّد الملاقاة ، وفاقاً للمعظم ؛ للأصل ، والعمومات (١) ، وخصوص ما تقدّم من المستفيضة (٢) ، ومنها ما يصرّح بعدم تنجّس الحياض (٣).
خلافاً للمفيد ، والديلمي (٤) ، فخصّاه بما عدا الحياض والأواني ، ولظاهر النهاية (٥) ، فبغير الثاني ؛ لعموم النهي عن استعمال مائه مع الملاقاة.
وهو ـ مع كونه أخصّ من مدّعى الأولين ـ مخصوص بالقليل بشاهد الحال.
ولو سلّم فمعارض بعموم ما دلّ في الكرّ على عدم الانفعال ، فلو رجّحناه بالكثرة ، وموافقة الشهرة ، وظهور الدلالة ، وإلّا فالمرجع أصل الطهارة. مع أنّ ورود كلام المخالف مورد الغالب محتمل ، كما فهمه الشيخ (٦) من كلام اُستاذه ، وهو أعرف بمذهبه.
وممّا ذكر يظهر الجواب عن موثّقة أبي بصير : عن كرّ ماء مررت به وأنا في سفر قد بال فيه حمار ، أو بغل ، أو إنسان ، قال : « لا تتوضأ منه ولا تشرب » (٧).
مضافاً إلى عدم صراحتها في النهي ، ومعارضتها مع ما دلّ على طهارة بول الأولين.
__________________
(١) عمومات طهارة الماء المتقدمة في ص ١١.
(٢) راجع ص ٣٦.
(٣) التهذيب ١ : ٤١٧ / ١٣١٧ ، الوسائل ١ : ١٦٢ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١٢.
(٤) المقنعة : ٦٤ ، المراسم : ٣٦.
(٥) النهاية : ٥.
(٦) التهذيب ١ : ٢١٨ ، لتوضيح الحال فيه راجع الحدائق ١ : ٢٢٦.
(٧) التهذيب ١ : ٤٠ / ١١٠ ، الاستبصار ١ : ٨ / ٨ ، الوسائل ١ : ١٣٩ أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٥.