وأكثريّة صور الانتفاء في الأوّل لا توجب اشتراط عدمه مع أنّها ممنوعة.
بيانه : أنّ الاختلاف إمّا لأجل وصل الغديرين المختلفين ، أو التسنّم ، أو الانحدار. والمؤثّر في الانتفاء ـ لو سلّم ـ ليس إلّا امتداد الثقبة الواصلة ، أو ضيقها في الأوّل ، وامتداد سطح الماء وبعد أوّله عن آخره في الثانيين ، لظهور أنّ أصل التسنّم والانحدار لا يوجب نفي الوحدة ، وكلّ من الأمرين يجتمع مع التساوي أيضاً ، مع أنّ الجريان في الثانيين أيضاً يمنع عن الانفعال.
وقد يجاب (١) أيضاً : بأنّ أخبار الكرّ كما دلّت على اعتبار الوحدة منطوقاً ، فاعتبرت لأجله المساواة ، كذلك دلّت على اعتبارها مفهوماً فيما نقص عنه ، فيختصّ الانفعال بصورة الوحدة والاجتماع ، فيكون المفروض خارجاً عن عموم المنجّسات ، يبقى الأصل سليماً عن المعارض.
وفيه : أنّ مدلول المفهوم حينئذٍ أنّ الماء الواحد المجتمع الناقص ينفعل ، ولا يضرّ فيه اتّصاله بما يصير معه كرّاً لو لم يوجب كريّته ، وكانت الوحدة منفيّة معه.
وللثالث : صدق الوحدة والاجتماع مع الانحدار دون التسنّم (٢).
وجوابه ظهر ممّا مر.
وللرابع ـ وهو للتذكرة والذكرى والدروس والبيان وشرح القواعد (٣) ـ : عدم تنجّس الأعلى بنجاسة الأسفل فلا يطهر بطهره ؛ إمّا لعدم معقوليّة التأثير فيه دونها ، أو لدلالته على عدم اتّحادهما في الحكم وعدم وحدتهما ، أو لاستلزامه عدم اندراج مثل ذلك إذا كان قليلاً في مفهوم روايات الكرّ ، فلا يشمله منطوقها أيضاً إذا كان كثيراً.
__________________
(١) كما في الرياض ١ : ٣.
(٢) كما في المدارك ١ : ٤٤.
(٣) التذكرة ١ : ٤ ، الذكرى : ٩ ، الدروس ١ : ١٢١ ، البيان : ٩٩ ، جامع المقاصد ١ : ١١٥.