تغرف به فتيمم بالصعيد ، فإنّ رب الماء رب الصعيد ، ولا تقع في البئر ، ولا تفسد على القوم ماءهم » (١).
فإنّ الإِفساد كناية عن النجاسة ، كما اعترف به الخصم في أخبار الطهارة ، ولا يسوغ التيمم إلّا مع فقد الماء الطاهر.
وحسنة الفضلاء الثلاثة : قلنا : بئر يتوضأ منها ، يجري البول قريباً منها ، أينجسها ؟ فقال : « إن كانت البئر في أعلى الوادي ، والوادي يجري فيه البول من تحتها ، وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس ذلك ، وإن كان أقل من ذلك ينجسها » (٢) الحديث.
ويجاب عن الأول ـ مع كونه أخص من المطلوب ـ : بأنّ تعارضه مع أخبار طهارة البئر بالعموم من وجه ، فالمرجع في المجتمع الأصل ، لو لا ترجيحها بموافقتها الكتاب والسنة ، ومخالفتها ـ كما قيل (٣) ـ لأكثر العامة (٤) ، وكونها بالمنطوق دالةً.
وعن الثاني : بمنع الدلالة ؛ لأنها فرع كون تلك الأوامر للوجوب ، وثبوت التلازم بينه وبين النجاسة ، وهو ممنوع ، ولذا ورد فيما ليس بنجس إجماعاً. ومنع عدم تجويز الوضوء والشرب قبل النزح ، فإنّ الوارد في بعض الروايات (٥) الأمر بهما بعده ، وهو هنا للإِباحة ، فيكون المعنى إباحتهما بعده ، فقبله لا يكون مباحاً ، وهو
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦٥ الطهارة ب ٤١ ح ٩ ، التهذيب ١ : ١٨٥ / ٥٣٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٧ / ٤٣٥ (بتفاوت يسير) ، الوسائل ١ : ١٧٧ أبواب الماء المطلق ب ١٤ ح ٢٢.
(٢) الكافي ٣ : ٧ الطهارة ب ٥ ح ٢ ، التهذيب ١ : ٤١٠ / ١٢٩٣ ، الاستبصار ١ : ٤٦ / ١٢٨ ، الوسائل ١ : ١٩٧ أبواب الماء المطلق ب ٢٤ ح ١.
(٣) الحدائق ١ : ٣٥٢.
(٤) يظهر بمراجعة كتبهم أن معظم القائلين بنجاسة البئر مطلقاً هم الحنفيّة راجع : أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٤٠ ، المغني لابن قدامة ١ : ٥٤ ، ٦٦ ، نيل الأوطار للشوكاني ١ : ٣٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٧٤ ، ٧٦.
(٥) الوسائل ١ : ١٨٣ أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ٥.