الخامس : النجاسة بعد انفصال الماء عن المحلّ ، نقل عن المختلف (١).
ونقل أقوال اُخر ترتقي مع ما ذكر إلى اثنى عشر ، ولكن لا يعرف قائل لأكثرها.
والحقّ هو الثاني.
أمّا في صورة ورود المحلّ على الماء : فلطائفة من الأخبار المتقدّمة في بحث انفعال القليل ، كصحيحة البزنطي ، وموثّقتي سماعة وروايتي أبي بصير (٢) الواردة في إهراق الماء القليل إذا اُدخل فيه الإِصبع أو اليد إذا كان قذراً.
والقول بأنّ الظاهر منها أنّه لأخذ الماء دون الغسل ، ويمكن تفاوت الحكم من أجل صدق الاسم وعدمه ، واهٍ جدّاً ؛ لعدم توقّف صدق الغسل على قصده عرفاً قطعاً وإجماعاً ، ولذا يحكم بالطهارة مع زوال العين ، أو إذا لم تكن ثمّة عين ، بمجرّد ذلك الإِدخال في الكرّ والجاري ، ولو لم يقصد الغسل.
وجعل الأمر بالإِهراق كنايةً عن عدم الطهوريّة لا وجه له ؛ فإنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، وهو إنّما يتمشّى إذا قلنا بنجاسة ذلك الماء ؛ إذ لولاها لم يجب إهراقه إجماعاً ، وأمّا معها فيمكن القول بوجوبه ، بل هو الأظهر ، من جهة حرمة حفظ الماء النجس ، كما يأتي في بحث المكاسب.
وكون الظاهر من بعض هذه الأخبار أنّه يريد التوضؤ به ـ لو سلّم ـ لا يفيد.
وأمّا في صورة ورود الماء : فلأنّ أدلّة انفعاله حينئذٍ وإن لم تكن تامّةً ، ولكنّها لو تمّت لكانت نسبتها إلى الغسالة وغيرها متساويةً ، فإمّا يجب ردّها والقول بعدم الانفعال حينئذٍ مطلقاً ، كما هو الحق ، أو قبولها في الغسالة وغيرها.
وقد يستدلّ : بالإِجماع المنقول في المنتهى (٣) ، وبروايتي ابن سنان والعيص
__________________
(١) المختلف : ١٣.
(٢) المتقدمة ص ٣٩.
(٣) تقدم ص ٨٩.