تلكم أبعاد الصورة التي وصلت إلينا عن الأحداث ، ولا شك أنّها بقية من ملامح الصورة التي حفظتها ذاكرة الرواة والمؤرخين ، وربما سمحت أولم تسمح بها سلطات الحاكمين ، كما لا شك بأنّ الصورة أصابها من التلميع والتصنيع ، إمعاناً في تضييع التشنيع.
لذلك تبينت الصورة باهتة الألوان أحياناً كثيرة ، وربما غير متناسقة الأبعاد ، لاختلاف التسجيل تبعاً للأهواء والآراء ، لكن الحاسة السادسة ـ كما يقولون ـ لها عملها في استنطاق الصورة عما محي منها ، وما بقي معها من خشخشة ووشوشة.
ولا شك أنّ المسلم الواعي لدينه تصيبه الصدمة حين يقرأ تلك الأحداث المروعة والمفزعة المفجعة ، كيف يمكن له أن يصدق أنّ رموز الصحابة الّذين عاصروا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعايشوه سفراً وحضراً ، هم الّذين قاموا بذلك ، كيف لم يمنعهم طول الصحبة ، ولا علقة المصاهرة ، ولا سابقة الإسلام ، عن ارتكاب ما جرى ؟
كيف لم يرعوا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاً ولا ذمّة ؟ فلم يحترموا قرباه بمودة جعلها الله تعالى أجر رسالته فقال : ( قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (١).
_____________________
١
ـ سورة الشورى : ٢٣ وانظر الكشاف للزمخشري ٤ : ٢١٩ ، وتفسير مفاتيح الغيب للرازي
٢٧ : ١٦٦ ، ومستدرك الحاكم ٣ : ١٧٢ ، تجد أنّ الآية الكريمة نزلت في ( عليّ وفاطمة وابناهما
). وروى ابن حجر المكي في صواعقه في الفصل الأول من الباب : ١١ في تفسير الآية : ١٤ من الآيات التي
أوردها في =