النص الثالث عشر : وروى عبد الرزاق (١) عن معمر قال : وحدّثني بعض أهل المدينة قال : خطبنا أبو بكر فقال : يا أيّها الناس إنّي قد ولّيت عليكم ولست بخيركم ، فإن ضعفت فقوموني ، وإن أحسنت فأعينوني ... أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. قال معمر : وأخبر فيه بعض أصحابي (٢).
فهذان الخبران فيهما اعتراف أبي بكر بأنّه ليس بخير الصحابة ، وهذا ينسف ما يعدّه ابن عمر من قاعدة في التفضيل ، كما في الخبر الأول اعتراف ليس دون ما تقدم في الخطورة ، وهو أنّ له شيطاناً يعترية ، فحذّرهم من نفسه إذا غضب ، فهل كان أمره لعمر بجلب علي والزبير حين تخلفا عن بيعته : « إئتني بهما بأعنف العنف » ، من حضور الشيطان وساعة الغضب ؟ ربما كان كذلك ، وربما كانت الخطبة من الدجل السياسي الذي عند الحاكمين يستعملونه في أول ولاياتهم يخادعون به الناس ، والله يخادعهم.
ما ذكره نصر بن مزاحم :
ثالثاً : ماذا عند نصر بن مزاحم ( ت ٢١٢ هـ ) ؟
فقد روى في كتابه وقعة صفّين (٣) ، عن محمد بن عبيد الله ، عن الجرجاني ، قال : فبقي أصحاب علي يوماً وليلة ـ يوم الفرات ـ بلا ماء ، وقال رجل من السكون من أهل الشام يُعرف بالسليل بن عمرو : يا معاوية
اسمع اليوم ما يقول السليل |
|
إن قولي قول له تأويل |
امنع الماء من صحاب علي |
|
أن يذوقوه والذليل ذليل |
واقتل القوم مثل ما قُتل الش |
|
ـيخ ظماً والقصاص أمر جميل |
_____________________
١ ـ المصنف ١١ : ٣٣٦.
٢ ـ أخرج ابن سعد بعضه من حديث هشام بن عروة عن أبيه ٣ : ١٨٢ ، ( عن هامش المصنف ).
٣ ـ وقعة صفّين ١٨١ ـ ١٨٢.