إلى أحد ، وهو الذي كان يأمر الناس بالوصية ، فسأل عبد الله بن أبي أوفى ، وهذا الآخر يقول له : أوصى بكتاب الله ، وهذا جواب غير شافٍ ووافٍ بالمقصود ، ويبدو أنّ الرجل كان يخشى من رقيب حاضر ، دلّ على ذلك قول هذيل ، ولعلّ هذا هو الرقيب الذي نمّ على نفسه حين قال : أكان أبو بكر يتأمر على وصي رسول الله ، لود أبو بكر أنه وجد من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عقداً فخزم أنفه بخزامة ؟
ولتنوير القارئ بمعرفة هؤلاء الأشخاص الثلاثة ، وأنّهم ليسوا بمتهمين عند الحاكمين وأتباعهم ، فليسوا هم من الشيعة.
فأولهم : طلحة بن مصرف ، وصفه ابن سعد في طبقاته (١) ، فقال : وكان قارئ أهل الكوفة يقرأون عليه القرآن ، فلما رأى كثرتهم عليه كأنّه كره ذلك لنفسه ، فمشى إلى الأعمش فقرأ عليه ، فمال الناس إلى الأعمش وتركوا طلحة.
ثم روى من أخباره ما دلّ على تواضعه وحسن خلقه ، إلى أن روى عن الحسن بن عمرو قال : قال طلحة بن مصرف : لولا انّي على وضوء أخبرتك بما تقول الشيعة ؟ إذن فهو يرى إنّ حكاية ما تقول الشيعة من نواقض الوضوء ، أتريد فوق هذا دليل على مخالفته للشيعة وتعصبه ضدهم. وقد وثقه ابن سعد فقال : وكان ثقة له أحاديث صالحة.
وثانيهم : عبد الله بن أبي أوفى صحابي ترجمه ابن سعد في الطبقات (٢) وذكره مرّة اُخرى (٣) ، وقال فيهما : لم يزل بالمدينة حتى قبض النبي صلىاللهعليهوسلم ، فتحوّل إلى الكوفة فنزلها حيث نزلها المسلمون ، وابتنى بها دارا في أسلم وكان قد ذهب بصره ، وتوفي بالكوفة سنة ست وثمانين ، وحكى عن الحسن أنّه آخر من مات من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم بالكوفة.
_____________________
١ ـ طبقات ابن سعد ٦ : ٢١٥.
٢ ـ المصدر نفسه ٤ ، ق ٢ : ٣٦.
٣ ـ المصدر نفسه ٦ : ١٣.