آخر عهد الأنبياء وبه اُمروا وعليه يبعثون ، قال : فمن غسّله يا أمير المؤمنين ؟ قال : سل علياً ، قال : فسأله فقال : كنت أنا أغسله ، وكان عباس جالساً (١).
ومع هذا كله فعائشة تقول : مات بين سحري ونحري ، وبين حاقتني وذاقتني و ، و ... ، كل ذلك لأنّها لا تطيب له نفساً كما قال ابن عباس ، حيث قالت عائشة : فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويدٌ له على العباس ، ( كما في مسند أحمد ) (٢) ، أو على الفضل بن عباس ، ( كما في روايتها الأخرى في مسند أحمد ) (٣) ، وعلى رجل آخر وهو يخط برجليه الأرض ، فحدّث عبيد الله بن عبد الله راوي الحديث بذلك ابن عباس ، فقال له : أتدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة ؟ هو علي ، ولكن عائشة لا تطيب له نفساً.
بل بلغ بها الحال حين تسمع من يقع في علي صراحة ، فلا تستنكر إلا بما يكشف عن قديم حقدها عليه ، فقد روى أحمد في مسنده (٤) بسنده عن عطاء بن يسار قال : جاء رجل فوقع في علي وفي عمار ـ رضي الله تعالى عنهما ـ عند عائشة فقالت : أما علي فلست قائلة لك فيه شيئاً ، وأما عمار فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما.
ونحن مع روايتها هذه فإنّا ندينها من فمها حيث اختار عمار علياً إماماً دون غيره ، ووقف إلى جانبه منذ حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعد وفاته في السلم وفي الحرب ، حتى قتلته الفئة الباغية بصفّين ، وهو معه يقول في بعض رجزه كما في وقعة صفّين (٥) :
أنا مع الحق أحامي عن علي |
|
صهر النبي ذي الأمانات الوفي |
_____________________
١ ـ الطبقات ٢ ، ق ٢ : ٥١.
٢ ـ المسند ٦ : ٣٤.
٣ ـ المصدر نفسه ٦ : ٢٢٨.
٤ ـ المصدر نفسه ٦ : ١١٣.
٥ ـ وقعة صفّين : ٢٨٩.