كما كان عمار قد اختار أن يكون مع علي في الدار يوم هجم عمر ومن معه عليهم ، كما ستأتي أسماء النفر الذين كانوا في الدار يومئذٍ.
وإنّما صنع ذلك عمار امتثالاً لأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال له : « يا عمار إن رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره ، فاسلك مع علي ودع الناس ، إنه لن يدلِك في ردى ، ولن يخرجك من هدى ، يا عمار إنّ طاعة علي من طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله عزوجل » (١).
فما دامت عائشة على ذكر من قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في عمار : ( لا يخيّر بين أمرين إلا اختار أرشدهما ) وقد اختار طاعة علي عليهالسلام فتبعه ، فلماذا حاربته يوم الجمل ؟ فهي لم تكن في محاربته برشيدة إذن.
ما ذكره البخاري :
ثامناً : ماذا عند محمد بن إسماعيل البخاري ( ت ٢٥٦ هـ ) ، في كتابه الجامع الصحيح.
مما ينبغي التنبيه عليه قبل عرض نماذج مما رواه في كتابه من النصوص ، فانّ الرجل كان شغوفاً بكثرة الرواية حتى ولو عن هيّان بن بيّان ، لذلك نجد كثرة الرواية عن كل من هبّ ودبّ ، وإن تناقضت رواياته ، حتى الكذب.
وما أكثر الشواهد على ذلك في رواياته عن عائشة وابن عمر وأبي هريرة ، فبينها من التكاذب ما يثير العجب ، وما كثرة الدفاع عنه إلا لكثرة ما فيه من مؤاخذات ، ولست في مقام التدليل على ذلك ، فحسب القارئ الطالب للحقيقة الرجوع إلى كتاب ( هدى الساري ) لابن حجر من المتقدمين ، وكتاب ( أضواء على السنة ) للشيخ محمد أبو رية ، وأخيراً إلى كتاب ( نحو تفعيل قواعد نقد متن
_____________________
١ ـ أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ : ١٨٦ ، وابن عساكر في ترجمة الإمام من تاريخه ٣ : ١٧٠ ، والحمويني في فرائد السمطين ٢ : ١٧٨ ، والخوارزمي الحنفي في مناقبه ٥٧ و ١٢٤ ، وأخيراً المتقي الهندي في كنز العمّال ١٢ : ٢١٢.