ترضى العرب أن تؤمركم ونبيّها من غيركم ... من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل ، أو متجانف لإثم ، أو متورط في هلكة (١).
والآن فهل من حق القارئ أن يسأل بعد ما قرأ كل الذي مرّ به ، أين هو الإجماع المزعوم على انتخاب أبي بكر للخلافة ؟ وقد تخلف عن الإجماع علي عليهالسلام وجميع بني هاشم ومن تابعهم وشايعهم ، كسلمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، وعمّار ، وخالد بن سعيد بن العاص ، وحذيفة ، واُبي بن كعب صاحب المقولة الشهيرة ( هلك أصحاب العقدة ) وبريدة الأسلمي ، وأبو الهيثم بن التيهان ، وأبو أيوب الأنصاري ، وسهل بن حنيف ، وعثمان أخوه ، وهؤلاء هم الذين حاجّوا أبا بكر في المسجد وقد ورد احتجاجهم في كتاب الاحتجاج للطبرسي (٢).
فأي انتخاب واختيار يزعم على صحة خلافة أبي بكر ؟
وسؤال ثان ، ومن حق القارئ أن يسأل : كيف ساغ لأبي بكر وعمر وأبي عبيدة الحضور في السقيفة لتعيين الخليفة ، والثلاثة كلهم جنود محاربون سمّاهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جيش أسامة (٣) ، وأمرهم بالخروج معه وتحت إمرته ، وقد لعن من تخلف عن المسير في ذلك الجيش فقال : « لعن الله من تخلف عن جيش أسامة » (٤).
فهاتان مخالفتان واضحتان ، ومعهما كيف يسوغ للثلاثة أن يتولّوا زمام الأمور ، مع أنّهم جنود مأمورون وتحت إمرة أسامة ، حتى روى اليعقوبي استنكار أسامة لذلك (٥).
_____________________
١ ـ راجع بشأن هذه الأقوال الإمامة والسياسة ١ : ٧.
٢ ـ الاحتجاج للطبرسي : ٤٧.
٣ ـ طبقات ابن سعد ٤ : ٤٦ و ١٣٦ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٩٣ ، وفتح الباري ٩ : ٢١٨ ـ ٢١٩ ، وغير ذلك.
٤ ـ الملل والنحل للشهرستاني ١ : ٢٣.
٥ ـ جاء في تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٠٦ : وأمر ـ أبو بكر ـ أسامة بن زيد أن ينفذ في جيشه وسأله أن يترك له عمر يستعين به على أمره ، فقال : فما تقول في نفسك ؟ فقال : يا بن أخي فعل الناس ما ترى ، فدع لي عمر وانفذ لوجهك.