صدقة ) يريد رسول الله نفسه ؟ فقال الرهط : قد قال ذلك ، فأقبل على علي وعباس فقال : هل تعلمان أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ذلك ؟ قالا : قد قال ذلك.
قال عمر : فإنّي أحدّثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله قد كان خص رسوله صلىاللهعليهوسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحداً غيره ، فقال عزوجل : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ) ـ إلى قوله ـ : ( قَدِيرٌ ) (١) ، فكانت خالصة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والله ما احتازها دونكم ، ولا استأثر بها عليكم ، لقد أعطاكموه وبثّها حتى بقي منها هذا المال ، فكان النبي صلىاللهعليهوسلم ينفق على أهله من هذا المال نفقة سنته ، ثم يأخذ ما بقي منها فيجعله مجعل مال الله ، ففعل بذاك رسول الله صلىاللهعليهوسلم حياته ، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم ، ثم قال لعلي وعباس : أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم.
فتوفى الله نبيّه صلىاللهعليهوسلم فقال أبو بكر : أنا وليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقبضها فعمل بما عمل به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم توفى الله أبا بكر فقلت : أنا وليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقبضتها سنتين أعمل فيها ما عمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر ، ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع ، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك ، وأتاني هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها ، فقلت : إن شئتما دفعتها إليكما بذلك ، فتلتمسان منّي قضاء غير ذلك ، فوالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة ، فإن عجزتما فادفعاها إليّ فأنا أكفيكماها.
الصورة الثانية عشرة قال البخاري (٢) : حدّثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة أنّ أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم حين توفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أردن أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهنّ ، فقالت عائشة : إليس قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ).
_____________________
١ ـ الحشر : ٦.
٢ ـ المصدر نفسه ٨ : ١٥٠ ، نفس الباب السابق.