الصورة الثالثة عشرة قال البخاري (١) : حدّثنا عبد الله بن يوسف ، حدّثنا الليث ، حدّثني عقيل ، عن ابن شهاب قال : أخبرني مالك بن أوس النصري ـ وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكراً من ذلك فدخلت على مالك فسألته ـ فقال : انطلقت حتى أدخل على عمر أتاه حاجبه يرفأ فقال : هل لك في عثمان ، وعبد الرحمن ، والزبير ، وسعد يستأذنون ؟ قال : نعم ، فدخلوا فسلموا وجلسوا ، فقال : هل لك في علي وعباس فأذن لهما ، قال العباس : يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين الظالم فاستبّا ، فقال الرهط عثمان وأصحابه : يا أمير المؤمنين اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر.
فقال : اتئدوا ، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ( لا نورّث ما تركنا صدقة ) يريد رسول الله صلىاللهعليهوسلم نفسه ، قال الرهط : قد قال ذلك ، فأقبل عمر على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ذلك ؟ قالا : نعم ، قال عمر : فإنّي محدّثكم عن هذا الأمر ، إنّ الله كان خص رسوله صلىاللهعليهوسلم في هذا المال بشيء لم يعطه أحداً غيره ، فإنّ الله يقول : ( وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ ) (٢) الآية.
فكانت هذه خالصة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم ، وقد أعطاكموها وبثّها فيكم حتى بقي منها هذا المال ، وكان النبي صلىاللهعليهوسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال ، ثم يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله ، فعمل النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك في حياته ، أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك ؟ فقالوا : نعم ، ثم قال لعلي وعباس : أنشدكما الله هل تعلمان ذلك ؟ قالا : نعم.
_____________________
١ ـ المصدر نفسه ٩ : ٩٧ ، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة ، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم.
٢ ـ الحشر : ٦.