ومن ليس متمكّنا من الاجتهاد كالأعمى يعوّل على غيره.
______________________________________________________
القبلة بالعلامات المفيدة للعلم أو الاجتهاد المفيد للظن أو ينتفي الأمران.
وربما ظهر من قولهم : فإن جهلها عوّل على الأمارات المفيدة للظن ، عدم جواز التعويل عليها للمتمكن من العلم إلا إذا أفادت اليقين. وهو كذلك ، لأن الاستقبال على اليقين ممكن فيسقط اعتبار الظن.
وقد قطع الأصحاب بعدم جواز الاجتهاد في الجهة والحال هذه ، لأن الخطأ في الجهة مع استمرار الخلق واتفاقهم ممتنع. أما في التيامن والتياسر فالأظهر جوازه لعموم الأمر بالتحري (١). وربما قيل بالمنع منه (٢) ، لأن احتمال إصابة الخلق الكثير أقرب من احتمال إصابة الواحد ، ومنعه ظاهر. قال في الذكرى : وقد وقع في زماننا اجتهاد بعض علماء الهيئة في قبلة مسجد دمشق وإنّ فيه تياسرا عن القبلة مع انطواء الأعصار الماضية على عدم ذلك (٣).
قوله : ( ومن ليس متمكنا من الاجتهاد كالأعمى يعول على غيره ).
إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق بين من كان عالما بالأمارات لكنه ممنوع منها لعارض كغيم ونحوه ، أو جاهلا بها مع عدم القدرة على التعلّم كالعامي مع ضيق الوقت ، أو غير متمكن من الاجتهاد أصلا كالأعمى. وبهذا التعميم قطع الشيخ في المبسوط (٤) ، وابن الجنيد (٥). وظاهر كلامه في الخلاف (٦) المنع من التقليد للأعمى وغيره ، ووجوب الصلاة إلى الجهات الأربع مع السعة ، والتخيير مع الضيق. والمعتمد الأول.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٢٢٣ أبواب القبلة ب ٦.
(٢) كما في نهاية الأحكام ١ : ٣٩٣. قال : ولو اجتهد فأداه اجتهاده إلى خلافها ( يعني المحاريب ) فان كانت بنيت على القطع لم يجز العدول إلى اجتهاده وإلاّ جاز.
(٣) الذكرى : ١٦٣.
(٤) المبسوط ١ : ٧٩.
(٥) نقله عنه في المختلف : ٧٧.
(٦) الخلاف ١ : ١٠٠.