ومن فقد العلم والظن ، فإن كان الوقت واسعا صلى الصلاة إلى أربع جهات ، لكل جهة مرّة.
______________________________________________________
لنا : إنّ قول العدل أحد الأمارات المفيدة للظن فكان العمل به لازما مع انتفاء العلم ، وعدم إمكان تحصيل ظن أقوى منه ، لقوله عليهالسلام : « يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة » (١).
احتج الشيخ في الخلاف بأن الأعمى ومن لا يعرف أمارات القبلة إذا صلّيا إلى أربع جهات برئت ذمتهما بالإجماع ، وليس على براءة ذمتهما إذا صلّيا إلى واحدة دليل. ثم استدل على التخيير مع الضرورة بأن وجوب القبول من الغير لم يقم عليه دليل ، والصلاة إلى الجهات الأربع منفي بكون الحال حال ضرورة فثبت التخيير (٢). وجوابه معلوم مما ذكرناه.
والمراد بالتقليد هنا قبول قول الغير سواء كان مستندا إلى الاجتهاد أو اليقين. وإنما يسوغ تقليد المسلم العدل العارف بالعلامات ، فإن تعذر العدل فالمستور (٣) ، فإن تعذر فغيره وإن كان كافرا إذا أفاد قوله الظن.
وبالجملة : فحيث ثبت جواز التعويل على الظن في هذا الباب وجب دوران الحكم معه ، لكن كما يجب تقديم العلم على الظن كذا يجب تقديم أقوى الظنين على الآخر.
ومن هنا يعلم أن المكفوف لو وجد محرابا فهو أولى من التقليد ، وكذا الركون إلى المخبر عن علم أولى من الركون إلى المجتهد ، وكذا الكلام مع الاختلاف في العدالة والضبط والتعدد.
قوله : ( ومن فقد العلم والظن ، فإن كان الوقت واسعا صلى الصلاة إلى أربع جهات ، لكل جهة مرة ).
__________________
(١) المتقدم في ص ١٣٢.
(٢) الخلاف ١ : ١٠٠.
(٣) يعني : المجهول الحال.