والقول بأنّ هذين الحملين جمع ، وهو فرع المكافأة ، وهي في المقام مفقودة ، لصحة أكثر أخبار المنع ، واستفاضتها ، واعتضادها بالشهرة ، مردود : بأنّ وجه الحمل لا ينحصر في الجمع ، بل القرينة عليه ـ كما مرّ ـ متحقّقة (١) ، مع أنّ فقدان التكافؤ غير مسلّم ، كما سيظهر وجهه.
مع أنّ مقتضى صحيحة عمر بن يزيد ـ المتقدّمة في بحث نافلة المغرب (٢) ـ أنّ المراد بوقت الفريضة الذي منع عن التطوّع فيه غير ما هو مطلوب المانع ، فيسقط الاستدلال بأخبار المنع رأسا.
وعدم القول بالحرمة في هذا الوقت غير ثابت ، ولو ثبت فغير ضائر ، لأنّ مدلول الصحيحة أنّ المراد بالوقت في أخبار المنع وقت الإقامة ، ولا إجماع على نفي ذلك ، بل لو كان لكان على عدم المنع حينئذ بخصوصه ، ولازمه خروج أخبار المنع عن الحجّية وبقاء المنع بلا حجّة ، مع أنّ القول بالكراهة في هذا الوقت بخصوصه مشهور ، فلو سلّم الإجماع المذكور يصير قرينة على أنّ المنع في أخباره على الكراهة محمول ، لا أنّ تلك الصحيحة عن الحجية خارجة.
وأمّا ما ردّ به أخبارنا من أنّ أخبار المنع أخص من القسم الأول من أخبار الجواز ، فتخصيصها بها لازم. والقسم الثاني فما دلّ منه على جواز بعض النوافل بخصوصه لا يضر ، لأنّه في حكم الاستثناء ، والباقي لقصوره إسنادا عن إثبات الحكم عاجز في مقابلة أخبار المنع ، الواضحة الدلالة والاستناد ، المعتضدة بعمل الأصحاب ، المخالفة للعامة على ما يستفاد من قوله : « يصنع الناس » في الموثّقة السابقة (٣) ، بل ربما تومئ إليه المقايسة المذكورة ، فإنّ الظاهر أنّ المقصود منها الردّ
__________________
(١) وهي موثقة سماعة المتقدمة في ص ١٠٨.
(٢) راجع ص ٦٤.
(٣) راجع ص ٦٥ ، موثقة محمّد.