ولا يخفى أنه يتعارض دليل التأخير مع أدلّة أفضلية أول الوقت بالعموم من وجه ، ولازمه الرجوع إلى الأصل.
فإن أرادوا استثناء أفضلية أول الوقت فيتم الاستدلال ، وإن أرادوا أفضلية التأخير فلا دليل له إلاّ إذا أوجب التدافع فوات الحضور ، فيرجع إلى الصورة المتعقبة لذلك.
ومنها : ما إذا كان التأخير موجبا لإدراك صفة كمال ، كاستيفاء الأفعال ، ومزيد الإقبال ، واجتماع البال ، والسعي إلى مكان شريف ، ونحو ذلك ، لروايتي عمر بن يزيد ، المتقدمتين.
ولا يخفى أنهما مختصتان بإدراك الأذان والإقامة والأمكنية التي هي اجتماع البال ، والتعدّي إلى غيرهما لا دليل عليه ، وعدم الفصل غير ثابت.
فالتحقيق فيه : أنّ ما لا دليل فيه بخصوصه على ترجيحه على أول الوقت من المكملات يعارض دليله مع أدلّة أول الوقت ، فإن علم مزية إحدى الفضيلتين على الأخرى بالأخبار أو غيرها فالحكم له ، وإلاّ فالتساوي ، إلاّ أن يستند في ترجيح التأخير إلى الشهرة ، وليس ببعيد.
ومنها : التأخير لإدراك فضيلة الجماعة ، لرواية جميل ، المصرّحة بأفضلية التأخير له (١).
ومنها : تأخير المتنفّل كلا من الظهرين إلى أن يأتي بنافلتهما ، للإجماع ، والأمر في المستفيضة بتقديم النافلتين عليهما (٢).
أمّا غير المتنفّل لعذر ـ كالسفر أو الجمعة ـ أو بدونه ، فالأفضل له الإتيان بالصلاة أول الوقت دون التأخير بقدر النافلة ، على الأظهر الأشهر ، بل يظهر من
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٥٠ ـ ١١٢١ ، الوسائل ٨ : ٣٠٨ أبواب صلاة الجماعة ب ٩ ح ١.
(٢) انظر : الوسائل ٤ : ١٣١ أبواب المواقيت ب ٥.